للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد عمل أهل قُباءٍ بخبرِ العدلِ، وتحوَّلوا من قبلةٍ إلى قبلةٍ، ولصحته في القياس؛ فإنه إذا قُبِل قولُ العدلِ في دخول (١) العَلاَمةِ الفاصلةِ بينَ زمنِ الفِطرِ والصومِ، قُبِلَ قولُه في خُروجِه أيضاً؛ إذْ لا فرقَ.

فإن قيل: هذا طريقة الشهادة، فلا بد فيه من شاهدين.

قلت: هذا يبطل بقبول الواحد في أوله، فدلّ على أن طريقه الإخبار، وإن سُلِّمَ، فقد قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بشهادة الواحد كما قضى في هلال رمضان، وكما قضى باليمين مع الشاهد، واليمينُ في الحقيقةِ إنما هي تحقيق للدعوى، وقولِ الشاهد، وَليستْ بقولِ رجلٍ أجنبيٍّ، فوجودُ اليمينِ دليلٌ على صِدْقِ الشاهد الواحد، وعدمُها دليلٌ على وَهْمِ الشاهدِ أو كَذِبه، وليس يوجد هنا دليل يدلُّ على وَهْمِهِ أو كَذِبه، فيكون قادحاً في خبره وشهادته.

* واختلفوا -أيضاً- هل يتعدَّى حكم الرؤية من بلد إلى أخرى، أو لا؟

- فذهبَ قومٌ إلى أنه يلزمُ أهلَ البلدِ الأخرى الصومُ؛ لاستواءِ الأفق في حقهم (٢).

- وذهب آخرون إلى أنه لا يلزم (٣)، حتى اعتبر بعضُ الشافعية مسافةَ


= (١/ ١١٩)، و"أحكام القرآن" للجصاص (١/ ٢٥١)، و "المغني" لابن قدامة (٤/ ٤١٩)، و"المجموع في شرح المهذب" للنووي (٦/ ٢٩٠)، و "فتح القدير" لابن الهمام (٢/ ٢٥٢)، و "مواهب الجليل" للحطاب (٣/ ٢٨٠).
(١) "دخول" ليست في "أ".
(٢) وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والحنابلة. انظر: "الذخيرة" للقرافي (٢/ ٢٩٠)، و"المغني" لابن قدامة (٤/ ٣٢٨)، و"رد المحتار" لابن عابدين (٣/ ٣٢٤).
(٣) وهو مذهب الشافعية. انظر: "المجموع في شرح المهذب" للنووي (٦/ ٢٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>