للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ، فَأَحْرِزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ،

===

قد أخرجت (عبادًا لي) من مقرهم ووطنهم (لا يدان) أي: لا طاقة (لأحد) من الناس ولا قدرة (بقتالهم) أي: على قتال أولئك العباد؛ واليدان: كناية عن القوة؛ لأنهما مظهر القوة، قال الأبي: وعبر عنها باليد؛ لأن الدفاع لا يكون إلا بها، وثنيت مبالغة، كأن يديه معدومتان للعجز عن دفعهم.

وإعرابه: (يدان): مثنى اللفظ مفرد المعنى في محل النصب اسم (لا)، مبني على فتح مقدر، منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة الحكاية، وخبر (لا) الجارُّ والمجرورُ المذكورُ بعده؛ تقديره: لا قُوَّةَ ولا طاقة لأحدٍ على قتالهم.

وقوله: (أخرجت عبادًا لي) أي: أظهرت جماعة منقادة لقضائي وقدري؛ والمراد بهم: يأجوج ومأجوج، والمعهود في الكتاب والسنة جميعًا أنه إذا قصد بالعباد الكفار والطغاة .. أضيفوا إلى الله سبحانه وتعالى بوإسطة اللام؛ كما في قوله تعالى في سورة الإسراء: {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} (١).

وأما إن أريد بهم: المسلمون والصلحاء .. أضيفوا إلى الله تعالى بلا واسطة؛ كقوله تعالى: {يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ} (٢)، وكقوله هنا: (فأحرز عبادي) المؤمنين؛ أي: فاجمعهم (إلى الطور) أي: إلى جبل الطور، فأُضيفوا إلى الله بدون واسطة اللام، والطور: جبل معروف بالشام.

وقوله: (فحرز) - بتشديد الراء - من التحريز، مأخوذ من الحرز، والمراد بالعباد هنا: المسلمون؛ أي: ضمهم إليه، واجعله حرزًا لهم، يقال: أحرزت الشيء أحرزه إحرازًا؛ إذا حفظته وضممته إليك وصنته عن الأخذ؛ أي: ارتحل


(١) سورة الإسراء: (٥).
(٢) سورة الزمر: (١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>