للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَجَعَلَ الدَّمُ يَسِيلُ عَلَى وَجْهِه، وَجَعَلَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: "كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ خَضَبُوا وَجْهَ نَبِيِّهِمْ بِالدَّمِ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ؟ ! "، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}.

===

ويحتمل أن يراد بـ (السبعين): حقيقتها، أو المبالغة في الكثرة لا العدد المخصوص، قاله الحافظ في "الفتح" (٧/ ٣٧٢).

(فجعل الدم) أي: شرع (يسيل على وجهه) الشريف (وجعل يمسح الدم عن وجهه) أي: شرع يمسح الدم عن وجهه ورأسه بشدة (ويقول) معطوف على يمسح: (كيف يفلح) ويفوز (قوم خضبوا وجه نبيهم) ورأسه (بالدم وهو) أي: والحال أنه (يدعوهم) ويهديهم (إلى) رضا (الله) تعالى؟ ! والاستفهام للإنكار المضمن معنى التعجب؛ أي: لا يفلحون (فأنزل الله عز وجل: {لَيْسَ لَكَ}) يا محمد ({مِنَ الْأَمْرِ}) أي: من الحكم في عبادي ({شَيْءٌ}) إلا ما أمرتك به فيهم؛ فإن الأمر فيهم كله لله عز وجل، إن شاء .. يستأصلهم، {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} مما هم فيه من الكفر، فيهديهم بعد الضلالة، {أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} في الدنيا والآخرة على كفرهم وذنوبهم، ولذلك قال في آخر الآية: {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} (١) أي: يستحقون ذلك.

ومعنى الآية: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}؛ أي: لست تملك إصلاحهم ولا تعذيبهم، بل ذلك ملك الله، فاصبر {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} بالإسلام {أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} بالقتل والأسر والنهب {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} بالكفر.

والمعنى: أن الله مالك أمرهم، يصنع بهم ما يشاء؛ من الإهلاك، أو العزيمة، أو التوبة إن أسلموا، أو العذاب إن أصروا على الكفر.

قال الفراء: (أو) بمعنى (إلا) والمعنى: إلا أن يتوب عليهم، فتفرح


(١) سورة آل عمران: (١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>