للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ إهْلَاكَ الْأُمَمِ المُشْرِكِينَ: ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (١٠١)[هود: ١٠١].

فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ مَوَاضِعَ فِي الْقُرْآنِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ اتَّخَذَ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا يَتَعَزَّزُ بِهِ وَيَتَكَبَّرُ بِهِ وَيَسْتَنْصِرُ بِهِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِهِ إلَّا ضِدُّ مَقْصُودِهِ، وَفِي الْقُرْآنِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْأَمْثَالِ وَأَدَلِّهَا عَلَى بُطْلَانِ الشِّرْكِ وَخَسَارَةِ صَاحِبِهِ وَحُصُولِهِ عَلَى ضِدِّ مَقْصُودِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ بَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ، فَكَيْفَ نَفَى عَنْهُمْ عِلْمَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾.

فَالجَوَابُ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَنْفِ عَنْهُمْ عِلْمَهُمْ بِوَهَنِ بَيْتِ الْعَنْكَبُوتِ، وَإِنَّمَا نَفَى عَنْهُمْ عِلْمَهُمْ بِأَنَّ اتِّخَاذَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ كَالْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا، فَلَوْ عَلِمُوا ذَلِكَ لَمَا فَعَلُوهُ، وَلَكِنْ ظَنُّوا أَنَّ اتِّخَاذَهُم الْأَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ تُفِيدُهُمْ عِزًّا، وَقُوةً، فَكَانَ الْأَمْرُ بِخِلَافِ مَا ظَنُّوا (١).

* * *


(١) «إعلام الموقعين» (٢/ ٢٧٥ - ٢٧٦).

<<  <   >  >>