في هذه الآيات: يخاطب الله سبحانه نبيّه - صلى الله عليه وسلم - محذّرًا سلوك هؤلاء المنافقين: إنهم منذ مقدمك المدينة لم يُفَوِّتوا فرصة لِلنَّيل منك ومن دينك ومن أصحابك، حتى أظهر الله الدين الحق وَقَوَّى شوكة المؤمنين.
ومنهم من يعتذر عن الخروج بادِّعَاءِ ساقط: وهو خشيته الوقوع بفتنة النساء، فما سقط فيه من الفتنة بتخلفه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والرغبة عن نفسه أعظم، ونار جهنم تحرق المكذبين المنافقين.
إنك إن تسعد - يا محمد - بنصر أو غنيمة تسؤهم، وإن تنزل بك نازلة يفرح هؤلاء بحذرهم.
فقل لهم - يا محمد -: إنه لن يصيبنا إلا ما قدّره الله لنا وهو سبحانه سيدنا وناصرنا وعليه يتوكل المؤمنون.
قال ابن إسحاق:(ليخذِّلوا عنك أصحابك، ويردّوا عليك أمرك {حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ}).
والمقصود: أن هؤلاء أهل النفاق لم يفوِّتوا فرصة منذ مقدمك المدينة - يا محمد - إلا أفادوا منها في محاولة لكيدك وكيد أصحابك وخِذلان دينك، حتى أظهر الله الإسلام وأبطل الجاهلية، وكشف سبل المنافقين، وأعز أولياءه وخذل أعداءه {وَهُمْ كَارِهُونَ}.