للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإما على إضمار فعل تقديره اذكر - أي: واذكر يوم يقول كن فيكون. ذكره ابن كثير. قلت: وكلها من وجوه الإعجاز القرآني يحتملها السياق وتفيد في بسط المعنى وآفاق مفهومه.

وقوله: {قَوْلُهُ الْحَقُّ}.

قال النسفي: (والمعنى: أنه خلق السماوات والأرض بالحق والحكمة وحين يقول لشيء من الأشياء كن فيكون ذلك الشيء قوله الحق والحكمة، أي: لا يكون شيئًا من السماوات والأرض وسائر المكونات إلا عن حكمة وصواب).

وقوله: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ}.

أخرج الإمام أحمد والترمذي بسند حسن عن عبد الله بن عمرو قال: [قال أعرابي: يا رسول الله، ما الصّور؟ قال: قَرْنٌ ينفخ فيه] (١).

فالصور هو القَرْن الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام حين يأخذ الأمر من ربه عز وجل. كما قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر: ٦٨].

وكما قال - جلت عظمته -: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} [النمل: ٨٧].

يروي البخاري عن ابن عباس: [قال في قوله تعالى: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} الصور. و {الرَّاجِفَةُ}: النفخة الأولى. و {الرَّادِفَةُ}: الثانية] (٢).

وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [ما بين النفختين أربعون. قالوا: يا أبا هريرة أربعون يومًا؟ قال: أبيت (٣). قالوا: أربعون شهرًا؟ قال: أبيت. قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيت. ثم ينزل الله من السماء ماءً فينبتون كما ينبتُ البقلُ.


(١) حديث حسن. أخرجه أحمد في المسند (٢/ ٣١٢)، وأبو داود في السنن (٤٧٤٢)، والترمذي في الجامع (٣٢٤٣)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٥٠٦).
(٢) حديث صحيح. رواه البخاري في ترجمة باب. انظر تخريج المشكاة (٥٥٢٩). وكتابي: أصل الدين والإيمان (٢/ ٧٢٧) - بحث النفخ في الصور - لمزيد من التفصيل.
(٣) أي: امتنعت عن الجواب لأني ما أدري ما الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>