للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو ينقلنا إلى شاطئ السلامة ودار النعيم والأمن والقرار. وَأُمِرْنا بإقامة الصلاة والتزام تقوى الله فإليه المرد والمآل ويحشر الناس إليه جميعًا. إنه وحده - جلت عظمته - الذي خلق السماوات والأرض بالحق والعدل الذي هو إفراده سبحانه بالتعظيم والعبادة، والأمر يومئذ قوله كن فيكون، فقوله الحق وله السلطان ولا يشاركه أحد في الآخرة بأمر أو سلطان، فقد انقطع سلطان كل ذي سلطان يوم ينفخ في الصور، ولم يبق إلا أمر الواحد القهار عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير.

فقوله: {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ} الآية.

قال السدي: (قال المشركون للمؤمنين: اتبعوا سبيلنا، واتركوا دين محمد، - صلى الله عليه وسلم -.

فقال الله تعالى ذكره: {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا}، هذه الآلهة، {وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ}، فيكون مثلنا كمثل الذي استهوته الشياطين في الأرض. يقول: مثلكم إن كفرتم بعد الإيمان، كمثل رجل كان مع قوم على الطريق، فضل الطريق، فحيرته الشياطين، واستهوته في الأرض، وأصحابه على الطريق، فجعلوا يدعونه إليهم يقولون: "ائتنا، فإنا على الطريق"، فأبى أن يأتيهم. فذلك مثل من يتبعكم بعد المعرفة بمحمد، ومحمد الذي يدعو إلى الطريق، والطريق هو الإسلام) - ذكره ابن جرير.

ثم روى عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: (هذا مثل ضربه الله للآلهة ومن يدعو إليها، وللدعاة الذين يدعون إلى الله، كمثل رجل ضل عن الطريق تائهًا ضالًا، إذ ناداه مناد: "يا فلان ابن فلان، هلم إلى الطريق"، وله أصحاب يدعونه: "يا فلان، هلم إلى الطريق"! فإن اتبع الداعي الأول انطلق به حتى يلقيه في الهلكة، وإن أجاب من يدعوه إلى الهدى اهتدى إلى الطريق).

وعن مجاهد: (في قوله: {مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا}، قال: الأوثان).

وعن قتادة: ({اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ} قال: أضلته في الأرض حيران).

وقال مجاهد: (رجل حيران يدعوه أصحابه إلى الطريق، فذلك مثل من يضل بعد إذ هدي، وقال: (هذا مثل ضربه الله للكافر، يقول: الكافر حيران، يدعوه المسلم إلى الهدى فلا يجيب).

<<  <  ج: ص:  >  >>