للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فيجعل غير السائل كالسائل ...

===

من أنواع مقتضى الظاهر، إذ أنواع الأول تسعة، وأنواع الثانى ثلاثة كما يأتى بيانه، ويخرج فى كلام المصنف بتشديد الراء كما هو الرواية ومصدره التخريج، لكن المناسب لقوله سابقا ويسمى إخراج الكلام عليها إلخ: عدم تشديد الراء ومصدره الإخراج هذا وذكر بعضهم أن تخريج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر من باب الكناية؛ لأن الخبر إذا أورد فى مقام لا يناسبه بحسب الظاهر دل على أن المتكلم نزل هذا المقام الغير المناسب منزلة المقام المناسب الذى يطابقه ظاهر الكلام، واعتبر فيه الاعتبارات اللائقة بذلك المقام، مثلا الخبر المجرد عن التأكيد يدل على خلو الذهن بالدلالة الخطابية، فإذا ألقى إلى المنكر والمتردد دل على تنزيله منزلة خالى الذهن ضرورة بحسب عرف البلغاء تعويلا على ما يزيل الإنكار من الأدلة التى معه إذا تأمل فيها ويكون ذلك كناية؛ لأن ذكر اللازم الذى هو مدلول الكلام المشتمل على الخصوصية وهو المقام الذى لا يناسبه بحسب الظاهر مع قرينة غير مانعة من إرادته، واستعمل اللفظ فيه وقصد منه إلى ملزومه الذى هو تنزيل المقام الغير المناسب منزلة المقام المناسب، وهذا التنزيل هو المقصود الأصلى، وقس على ذلك إلقاء الخبر المذكور بتأكيد قوى إلى غير المنكر، فإنه لما كان فيه دلالة خطابية على إنكار المخاطب ولم يوجد الإنكار فى المخاطب دل ضرورة على تنزيله منزلة المنكر تعويلا على ما يلزمه لزوما عرفيا وهو أن يكون المخاطب ملابسا لشىء من الإنكار ويكون ذلك كناية كما بينا- وهكذا، وقيل إنه من قبيل الاستعارة بالكناية والتخييل، والحق أنه لا يقال فيه شىء من ذلك؛ لأن المجاز والكناية إنما هو باعتبار المعانى التى يوضع لها اللفظ وهذا بخلاف ذلك إذ لم يستعمل اللفظ فيه؛ لأنها معان عرضية.

(قوله: فيجعل غير السائل) أى: كخالى الذهن، وقوله: كالسائل هو المتردد فى الحكم الطالب له المتقدم فى قول المصنف، وإن كان مترددا إلخ، وهو القسم الثانى وتقدم أنه يؤكد له استحسانا ثم أن المتبادر أن الفاء فى قوله: فيجعل إلخ، للتفريع على قوله يخرج الكلام، وأنه واقع عقبه مع أن الجعل المذكور ليس واقعا عقب التخريج، بل

<<  <  ج: ص:  >  >>