للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مؤكد بالقسم، وإن، واللام، واسمية الجملة لمبالغة المخاطبين فى الإنكار حيث قالوا: ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (١) وقوله: إذ كذبوا- مبنى على أن تكذيب الاثنين تكذيب للثلاثة، ...

===

(قوله مؤكد بالقسم) أى: وهو رَبُّنا يَعْلَمُ (٢) فقد ذكر فى الكشاف أن ربنا يعلم: جار مجرى القسم فى التأكيد، ك شَهِدَ اللَّهُ (٣) فاندفع ما يقال: أنه لا قسم هنا، أو يقال مراده بالقسم القسم الحكمى؛ لأن قولهم: ربنا يعلم فى قوة نقسم بعلم ربنا أو بربنا العليم

(قوله: حيث قالوا إلخ) فيه أن هذه ثلاث إنكارات، فكيف يؤكد لها بأربع تأكيدات، مع أنه يجب أن يكون التأكيد بقدر الإنكار؟ والجواب أن المراد أنه يجب أن يكون التأكيد بقدر الإنكار فى القوة والضعف لا فى العدد، كما قال الشارح:

هذه الإنكارات الثلاثة الواقعة منهم مساوية فى القوة للتأكيدات الأربع أو أن الحصر فى الموضعين بمنزلة إنكار رابع، كما قاله سم، أو أن قوله وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ يتضمن إنكارين أحدهما صريح وهو نفى نزول شىء من الرحمن والآخر استلزامى وهو نفى الرسالة- أفاده السيرامى.

(قوله: ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) إن قلت: قول المنكرين ذلك إنكار للرسالة من الله؛ لأنها هى التى يرون منافاتها للبشرية مع أن الرسل من عند عيسى لا من عند الله، وحينئذ فلا يكون قولهم ما أنتم إلا بشر مثلنا إنكار الشىء، أجيب بأن المعنى: ما مرسلكم إلا بشر مثلنا والمرسل لا يكون بشرا، ويحتمل أنهم فهموا أن الرسل من عند الله، أو يقال: إنهم لما دعوهم إلى رسالة رسول الله بإذن الله نزلوا رسالة رسول الرسول كرسالة الرسول؛ لأن التصديق بهذه تصديق بتلك، فخاطبوا الأصل بواسطة الفرع بما يقتضى نفى أصل الرسالة فى زعمهم.

(قوله: وقوله) أى: المصنف إذ كذبوا بصيغة الجمع، ولم يقل إذ كذبا بصيغة التثنية مع أن المكذب فى المرة الأولى اثنان فقط

(قوله: مبنى على أن تكذيب الاثنين تكذيب للثلاثة) أى: لأن ما جاء به الثالث عين ما جاء به الاثنان، فالحكم على ما جاء


(١) يس: ١٥.
(٢) يس: ١٦.
(٣) آل عمران: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>