للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان عالما بالفائدتين (لعدم جريه على موجب العلم) فإن من لا يجرى على موجب علمه هو والجاهل سواء؛ كما يقال للعالم التارك للصلاة: الصلاة واجبة.

وتنزيل العالم بالشىء منزلة الجاهل به ...

===

بأن يرجع الضمير فى قوله بهما: لمجموع الأمرين، وهو يصدق بالبعض والجميع فالأول كقولك لتارك الصلاة العالم بوجوبها: الصلاة واجبة، والثانى وهو المخاطب العالم باللازم قولك: ضربت زيدا لمن يعلم أنك تعرف أنه ضرب زيدا، لكنه يناجى غيرك بضربه عندك، كأنه يخفى منك، والثالث كقولك- لإنسان مؤمن ويعلم أنك تعلم أنه مؤمن إلا أنه آذاك أذية لا يباشر بها إلا من يعتقد مؤذيه كفره، ولا يعلم الله ورسوله-: الله ربنا، ومحمد رسولنا.

(قوله: وإن كان عالما) الواو للحال، وقوله بالفائدتين: فيه تغليب

(قوله: على موجب) بفتح الجيم أى: على مقتضى وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ (١) وقوله تعالى: وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (٢) هذا لفظه وفيه إيهام أن الآية الأولى من أمثلة تنزيل العالم بفائدة الخبر ولازم فائدته منزلة الجاهل بهما وليست بهما وليست منها، بل هى من أمثلة تنزيل العالم بالشىء منزلة الجاهل به لعلم جريه على موجب العلم، والفرق بينهما ظاهر

(قوله: والجاهل سواء) أى: كالمستويين من حيث إن الثمرة والمقصود بالذات من العلم وهو العمل به قد انتفى عنهما معا، وإنما جاز تنزيل العالم منزلة الجاهل عند انتفاء جريه على موجب العلم تعييرا له وتقبيحا لحاله؛ لأنه إذا كان عالما بوجوب الصلاة وكان تاركا لها وقيل له: الصلاة واجبة كان إلقاء الخبر إليه إشارة إلى أنه هو والجاهل سواء؛ لأنه يتصور تركها إلا من الجاهل، وفى هذا من التوبيخ مالا يخفى

(قوله: كما يقال للعالم) أى: بفائدة الخبر.

(قوله: الصلاة واجبة) أى: فإنه لما ترك الصلاة مع علمه بوجوبها نزل منزلة الجاهل الخالى الذهن، فألقى له الخطاب من غير تأكيد

(قوله: وتنزيل العالم بالشىء)


(١) الأنفال: ١٧.
(٢) التوبة: ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>