للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كتشبيه الجرّة الصغيرة بالكوز فى المقدار والشكل) فإنه قد اعتبر فى وجه الشبه تفصيل ما، أعنى: المقدار والشكل، إلا أن الكوز غالب الحضور عند حضور الجرة (أو مطلقا) ...

===

يناسبه) أى: مع المشبه الذى يناسبه بأن كانا من واد واحد كالأوانى والأزهار (وقوله:

أسهل حضورا منه) أى: من نفسه مع المشبه الذى لا يناسبه؛ لأنهما إذا كانا متناسبين اقترنا فى الخيال، فيسهل الانتقال فى التشبيه لظهور الوجه غالبا مما يحضر كثيرا مع غيره، وهذا التفاوت الذى أوجبه كثرة الاجتماع فى الوجود هو الجامع الخيالى كما تقدم.

(قوله: كتشبيه الجرّة) أى: أن التشبيه المبتذل لظهور وجه الشبه لكون وجه الشبه قليل التفصيل مع غلبة حضور المشبه به فى الذهن عند حضور المشبه: كتشبيه الجرّة الصغيرة بالكوز فى المقدار والشكل، وكذلك تشبيه الإجاصة بالسفرجلة فى اللون والشكل والطعم فى بعض الأحيان، وتشبيه العنبة الكبيرة بالبرقوقة فى الشكل واللون والطعم، فإن وجه الشبه فى هذه الأشياء فيه تفصيل أى: اعتبار أشياء، لكن تلك الأشياء ظاهرة تتكرر موصوفاتها على الحس عند إحضار ما يراد تشبيهه بها فيلزم ظهور أوصافها، ثم إن مراد المصنف بالجرة المشبهة بالكوز. الجرة الصغيرة التى فى حلقها اتساع ولها أذنان، إذ هى المشابهة للكوز فى الشكل والمقدار وليس مراد المصنف الجرة الكبيرة التى ليس فى حلقها اتساع، فاندفع ما قيل: أنه لا مناسبة بين الجرة والكوز فى الشكل، ولا حاجة للجواب بأن المراد مطلق الشكل مع مطلق التجويف والانفتاح لجهة مخصوصة

(قوله: والشكل) أى: فإن شكل كلّ منهما كرى مع استطالة

(قوله: إلا أن الكوز غالب الحضور) أى: فى الذهن عند حضور الجرة- هذا عند من يشرب بالكوز من الجرة كما هو عادة بعض الناس يفرغون من الجرة فى الكوز ويشربون- فإذا حضرت الجرة فى الذهن حضر الكوز فيه، واعترض بأن الكوز متكرر على الحس، وحينئذ فهو غالب الحضور فى الذهن حضرت الجرة فيه أو لا، وحينئذ فلا يصح التمثيل بهذا المثال لوجه الشبه القليل التفصيل المصاحب لغلبة حضور المشبه به فى الذهن عن حضور المشبه، وأجيب بأن فى الكوز غلبة الحضور مع الجرة وغلبة الحضور على الإطلاق فمثل

<<  <  ج: ص:  >  >>