وقد يتسامح بذكر ما يستتبعه مكانه) أى: بأن يذكر مكان وجه الشبه ما يستلزمه، أى: يكون وجه الشبه تابعا له، لازما فى الجملة (كقولهم للكلام الفصيح: هو كالعسل فى الحلاوة؛ فإن الجمع فيه لازمها) أى: وجه الشبه فى هذا التشبيه: لازم الحلاوة (وهو ميل الطبع) لأنه المشترك بين العسل والكلام،
===
ووصف الدموع بالصفاء إشعارا بكثرتها لاقتضاء الكثرة غسل المنبع وتنقيته من الأوساخ التى تتمزج بالماء، بخلاف ما إذا جرى أحيانا فإنه يكون بكدرات المنبع، فسقط قول بعضهم: إن الدمع الصافى لا يدلّ على الحزن، والمتمدح به الدمع المشوب بالدم
(قوله: وقد يتسامح) أى: يتساهل فى ذكر وجه الشبه، فيستغنى عنه بسبب ذكر ملزوم يستتبعه أى: يستلزمه
(قوله: بأن يذكر مكان .. إلخ) أشار بهذا إلى أن مكانه ظرف لغو متعلق بذكر لا أنه ظرف مستقرّ حال من ما وأن الاستتباع معناه الاستلزام، وأشار بقوله أى:
يكون .. إلخ إلى أن الضمير المستتر فى يستتبع عائد إلى ما، والبارز عائد على وجه الشبه أى: قد يتسامح ويذكر فى مكان وجه الشبه أمر يستلزم ذلك الأمر وجه الشبه ومعنى ذكره فى مكانه أن يؤتى به على طريقته من إدخال فى عليه ليخرج بذلك ذكر الوصف المشعر بالوجه لأحد الطرفين أو لكليهما كما تقدم، فإنه لا يذكر على طريقة وجه الشبه بأن يقال: كذا مثل كذا فى كذا بخلاف المستتبع هنا، فإنه يذكر على هذا الطريق
(قوله: فى الجملة) أى: ولو فى الجملة بأن يكون التلازم عاديّا ولا يشترط أن يكون عقليّا، وحاصل ما أشار إليه الشارح: أن المراد بالاستلزام هنا مجرد الحصول مع الحصول، سواء كان عاديّا أو عقليّا، ولا يشترط خصوص التلازم العقلى الذى لا يتخلف أصلا لجواز التخلف هنا، ألا ترى للحلاوة فى المثال الآتى فإنها لا تستلزم ميل الطبع للشىء الحلو، إذ قد تكون موجبة لنفرة الطبع من الشىء الحلو كما فى بعض الطباع المنحرفة لمرض ونحوه
(قوله: للكلام) أى: فى شأن الكلام (وقوله: الفصيح) أى: أو البليغ وهو الأنسب لأنه الأحقّ بالتشبيه بالعسل
(قوله: فإنه الجامع فيه) أى: فإن وجه الشبه فى ذلك التشبيه
(قوله: لازم الحلاوة) أى: فالمذكور فى العبارة كالحلاوة لازم له كما هو ظاهر
(قوله: وهو) أى: لازمها ميل الطبع أى: محبته واستحسانه