(هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها؟ أى: هم متناسبون فى الشرف) يمتنع تعيين بعضهم فاضلا وبعضهم أفضل منه (كما أنها) أى: الحلقة المفرغة (متناسبة الأجزاء فى الصورة) يمتنع تعيين بعضها طرفا، وبعضها وسطا؛ لكونها مفرغة مصمتة الجوانب كالدائرة.
===
والجملة صلة لأى، والمفعول الثانى محذوف أى: إن كنت أعلم الذى هو أفضل كائنا منهم، ولكن المناسب الأوّل لأجل التطابق بين السؤال والجواب؛ لأن السؤال لها بلفظ أيهم الاستفهامية فيناسب أن تكون الواقعة فى جوابها كذلك
(قوله: المفرغة) هى التى أذيب أصلها من ذهب أو فضة أو نحاس أو نحو ذلك، وأفرغت فى القالب فلا يظهر لها طرف بل تكون مصمتة الجوانب أى: لا انفراج فيها، ثم إنه لا يلزم من نفى الانفراج نفى التربيع والتثليث مثلا، ولكن المراد ما كان كالدائرة ليتحقق التناسب فى الشكل والوضع فتصير بذلك ذات إحاطة نهاية واحدة كالدائرة، وبهذا تعلم أنه ليس المراد بكونها مصمتة كونها لا جوف لها، وإنما قيد الحلقة بكونها مفرغة؛ لأن المضروبة يعلم طرفاها بالابتداء والانتهاء، ولأنها تتفاوت فلا تتناسب أجزاؤها
(قوله: لا يدرى أين طرفاها؟ ) فيه أن هذا يقتضى أن الدائرة المفرغة لها طرفان لكن لا يعلمان فى أى محل مع أنه لا طرف لها أصلا؟ ، وأجيب بأنا لا نسلم أن نفى دراية طرفيها يستلزم وجود الطرفين؛ لأن السالبة لا تقتضى وجود الموضوع
(قوله: أى هم متناسبون فى الشرف) هذا إشارة للوصف المتضمن لوجه الشبه الكائن فى الطرفين؛ وذلك لأن وجه الشبه المشترك بين الطرفين التناسب الكلى الخالى عن التفاوت، وإن كان ذلك التناسب فى المشبه تناسبا فى الشرف وفى المشبه به تناسبا فى صورة الأجزاء، وما ذكره المصنف من التناسب فى الشرف مختصّ بالمشبه به، ولكنه يتضمن وصف كلّ منهما بالتناسب الخالى عن التفاوت بواسطة الانتقال من تناسبهم فى الشرف إلى تناسب أجزاء الحلقة، ولا يخفى أن هذا الوجه الذى بين الطرفين فى غاية الدقة لا يدركه إلا الخواصّ
(قوله: مصمتة الجوانب) أى: لا انفراج فيها بل متصلة من كل جانب
(قوله: كالدائرة) فيه أن الحلقة من أفراد الدائرة فكيف تشبه بها؟ وأجيب بأن المراد كالدائرة التى ليست حلقة بل المتداولة فى الأشكال عند الحكماء.