وإن تعدد طرفه الثانى) يعنى: المشبه به دون الأول (فتشبيه الجمع كقوله)
بات نديما لى حتّى الصباح ... أغيد مجدول مكان الوشاح
(كأنما يبسم) ذلك الأغيد؛ ...
===
قال فى الأطول: ووصف دمعه بالصفاء ينبئ عن كثرة بكائه؛ لأنه إذا كثر ماء المنبع يصفو عن الكدر؛ لأنه يغسل المنبع ويدفع عنه الكدرات التى تمتزج بالماء بخلاف ما إذا جرى أحيانا فإنه يكون مكدّرا بكدرات المنبع
(قوله: فتشبيه الجمع) سمّى بذلك؛ لأن المتكلم جمع فيه للمشبه وجوه شبه، أو لأنه جمع له أمورا مشبها بها
(قوله: كقوله) أى: البحترى من قصيدة من السريع يمدح بها أبا نوح عيسى بن إبراهيم أوّلها: بات نديما لى حتى الصباح ... ،
وبعد البيتين:
تحسبه نشوان إمّا رنا ... للفتر من أجفانه وهو صاح
بتّ أفدّيه ولا أرعوى ... لنهى ناه عنه أو لحى لاح
أمزج كاسى بجنى ريقه ... وإنما أمزج راحا براح
يساقط الورد علينا وقد ... تبلّج الصّبح نسيم الرياح
أغضيت عن بعض الذى يتّقى ... من حرج فى حبّه أو جناح
سحر العيون النّجل مستهلك ... لبّى وتوريد الخدود الملاح
(قوله: نديما) خبر بات، والنديم وهو المنادم حالة شرب الراح، ولكن المراد هنا المؤانس بالليل، وحتى: غائية بمعنى إلى وأغيد: اسم بات (وقوله: مجدول) مكان الوشاح بإضافة مجدول لما بعده، والمجدول فى الأصل المطوى المدمج أى: المدخل بعضه فى بعض غير المسترخى، والمراد هنا لازمه أى: ضامر الحاضرتين والبطن؛ لأن ذلك موضع الوشاح وهو جلد عريض يرصّع بالجواهر وما يشبهها يشدّ فى الوسط أو يجعل على المنكب الأيسر معقود تحت الإبط الأيمن للتزيّن.
(قوله: كأنما يبسم) (١) بكسر السين من باب ضرب وحكى بعضهم ضمها أى: كأن ذلك الأغيد متبسم، ولما اتصلت ما الكافة بكأن صلحت للدخول على الفعل،
(١) البيت للبحترى فى ديوانه: " كأنما يضحك" بدلا من" كأنما يبسم" والبيت من قصيدة يمدح بها عيسى بن إبراهيم، ديوانه ١/ ٤٣٥ والإشارات ص ١٨٣.