(لدى وكرها العنّاب والحشف) هو أردأ التمر (البالى) شبه الرطب الطرى من قلوب الطير بالعناب، واليابس العتيق منها بالحشف البالى؛ ...
===
وليس الضمير فيهما راجعا للقلوب باعتبار كلها حتى يرد الإشكال، ولا ضرر فى عود الضمير على الأمر العام باعتبار بعضه، إذ عموم المرجع لا يقتضى عموم الراجع كما فى قوله تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ (١) بعد قوله: وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ ... إلخ الشامل للرجعيات وغيرهن، وعلى هذا فقول الشارح:" بعضها" بعد" رطبا ويابسا" بدل من الضمير المستتر فيهما أو تفسير له على حذف، أى: لا أنه فاعل برطبا ويابسا؛ لأن حذف الفاعل وإبقاء رافعه لا يجيزه البصريون ولا بعض الكوفيين، والحاصل: أن الرطوبة واليبوسة لما كانا لا يجتمعان فى محلّ واحد علم أن كل واحد منهما وصف لغير ما ثبت له الآخر فلزم كونهما حالين على التوزيع، فالضمير فى كلّ منهما يعود إلى موصوفه وهو البعض المشمول للقلوب، فلذا فسر الشارح الضميرين بأن قال: رطبا بعضها ويابسا بعضها ولم يرد أن لفظ البعض فيهما هو الفاعل حتى يلزم حذف الفاعل الظاهر وهو غير موجود فى فصيح الكلام
(قوله: لدى وكرها) أى: العقاب والوكر عش الطائر وإن لم يكن فيه، ثم إن الظرف يحتمل أن يكون حالا من قلوب ولا يصح أن يكون حالا من رطبا ويابسا؛ لأن الحال لا يجىء من الحال. نعم يمكن أن يكون حالا من الضمير المستتر فيهما، ويحتمل أن يكون حالا من العنّاب والحشف مقدّما عليهما، ويحتمل أن يكون صفة لرطبا ويابسا عملا بقاعدة أن الظرف بعد النكرة صفة لها- قاله فى الأطول.
(قوله: العنّاب) بزنة رمّان وهو حبّ أحمر مائل للكدرة قدر قلوب الطير ثمر السدر البستانى، وهذا هو الأول من المشبه بهما وهو المقابل للقلب الرطب؛ لأنه يشاكله فى اللون والقدر والشكل
(قوله: والحشف) بزنة فرس وهذا هو الثانى من المشبه بهما وهو المقابل للقلب اليابس الذى لا يشاكله فى اللون والشكل والقدر والتكاميش، ووصفه بالبالى تأكيد؛ لأنه وصف كاشف.