للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا فى الالتزام ظاهر؛ فإنه يجوز أن يكون للشىء لوازم متعددة بعضها أقرب إليه من بعض، وأسرع انتقالا منه إليه لقلة الوسائط، فيمكن تأدية الملزوم بالألفاظ الموضوعة لهذه اللوازم المختلفة الدلالة عليه وضوحا وخفاء، ...

===

المنتقل إليه خفيا كانت دلالة لفظ المنتقل منه على ذلك المنتقل إليه خفية، وإن كان الربط بينهما واضحا كانت تلك الدلالة واضحة، والسبب فى الوضوح فى دلالة الالتزام إما كون اللزوم ذهنيا بينا تستوى فيه العقول وإما قلة الوسائط مع ضميمة الاستعمال العربى أو مع ضميمة ظهور القرينة جدا حتى كأنها المشهود، وقد يكون الوضوح مع كثرة الوسائط عند ضميمة كثرة الاستعمال، والسبب فى الخفاء فيها كثرة الوسائط المحوجة لمزيد التأمل وذلك لقلة الاستعمال

(قوله: وهذا) أى: اختلاف مراتب اللزوم فى الوضوح

(قوله: للشىء) أى: الذى هو الملزوم كالكرم

(قوله: لوازم متعددة) ككثرة الضيفان وكثرة إحراق الحطب وكثرة الرماد

(قوله: بعضها) أى: بعض تلك اللوازم ككثرة الضيفان

(قوله: أقرب إليه) أى: إلى ذلك الشىء

(قوله: منه) أى: من ذلك الشىء

(قوله: إليه) أى: إلى ذلك البعض

(قوله: لقلة الوسائط) أراد بالقلة: ما يشمل العدم بالنظر للبعض

(قوله: فيمكن تأدية الملزوم) أى: المعنى الملزوم كالكرم بالألفاظ ..

إلخ بأن يقال: زيد كثير الضيفان، أو كثير إحراق الحطب، أو كثير الرماد، ولا شك أن انتقال الذهن من كثرة الضيفان للكرم أسرع من انتقاله من كثرة إحراق الحطب للكرم لعدم الواسطة بينهما، وانتقاله من كثرة إحراق الحطب للكرم أسرع من انتقاله من كثرة الرماد للكرم؛ لأن بين الكرم وكثرة إحراق الحطب واسطة وبينه وبين كثرة الرماد واسطتان، وقوله لقلة الوسائط أى: أو كثرة الاستعمال كالكرم فإن له لوازم:

ككثرة الرماد وهزال الفصيل وجبن الكلب فتمكن تأدية الكرم بالألفاظ الموضوعة لهذه اللوازم بأن يقال: زيد كثير الرماد أو هزيل الفصيل أو جبان الكلب، ولا شك أن هذه اللوازم مختلفة فى الدلالة على الكرم من جهة الوضوح والخفاء، إذ ليس الانتقال من هذه اللوازم إلى الكرم مستويا فإن الانتقال من كثرة الرماد إليه أسرعها لكثرة الاستعمال ولو كثرت وسائطه، واعترض على الشارح بأن الكلام فى دلالة الالتزام

<<  <  ج: ص:  >  >>