باعتقاد المخاطب بواسطة العرف العام: الأسد مثلا أهل العرف قاطبة يفهمون من معناه لازما هو الجراءة والشجاعة، وإن كان لا لزوم عقلا بين تلك الجثة والجراءة، فإذا قيل هل زيد شجاع؟ فأجبت بقولك: هو أسد. فهم المخاطب منه أنه شجاع، وكما فى طنين الأذن إذا فهم منه المخاطب بسبب العرف العام أن صاحب ذلك الطنين مذكور، فيجوز أن يقال لمن يعتقد ذلك: إن لفلان طنينا فى إذنه ليفهم منه أنه مذكور، وكاختلاج العين إذا فهم منه المخاطب بسبب العرف العام لقاء الحبيب، فيجوز أن يقال لمن يعتقد ذلك: اختلجت عين فلان؛ ليفهم منه أنه لقى حبيبه، وكما إذا اعتقد إنسان بسبب العرف العام أن من لم يتزوج فهو عنين، فيجوز أن يقال له: فلان غير متزوج؛ ليفهم منه أنه عنين بسبب اعتقاده اللزوم بينهما بواسطة العرف العام وإن كان اللزوم العقلى منتفيا، وظهر مما قررنا أن إضافة اعتقاد للمخاطب فى كلام المصنف من إضافة المصدر لفاعله وأن المفعول محذوف وأن المعتبر فى تحقيق اللزوم ما عند المخاطب من الربط؛ لأن الدلالة كون اللفظ بحيث يفهم منه المخاطب أمرا لازما عند المتكلم وإلا لربما خلا الخطاب عن الفائدة، ولذا قال المصنف: ولو لاعتقاد المخاطب ولم يقل:
ولو لاعتقاد المتكلم
(قوله: مما يثبته اعتقاد المخاطب) اعترض بأن اعتقاد المخاطب متعلق باللزوم لا مثبت له، والمثبت له إنما هو ذهن المخاطب وعقله فأولا يثبته بعقله ثم بعد ذلك يعتقده، فكان الأولى أن يقول: مما يثبته ذهن المخاطب، وأجيب بأن الاعتقاد فى كلامه مصدر بمعنى اسم الفاعل أى: مما يثبته معتقد المخاطب وهو ذهنه، أو يقال:
إن المراد بالإثبات التعلق على سبيل المجاز المرسل من إطلاق اسم اللازم وإرادة الملزوم؛ لأن تعلق الاعتقاد باللزوم يستلزم ثبوته فى الذهن بالوجود الظنى أى: يجعله ثابتا فيه على وجه الظن.
(قوله: بسبب عرف عام) اعترض بأنه لم يظهر المراد به؛ لأنه إن أريد به ما اتفق عليه جميع أهل العلم أو جميع العوام كما هو المتبادر منه ففيه بعد؛ لأنه يبعد اتفاق جميع أهل العلم أو العوام على شىء، وأجيب بأن المراد به ما لم يتعين واضعه كأهل