ومن العجائب ما وقع لبعضهم فى شرح هذا الموضع من أن هذا الامتناع بسبب أن الفعل المستقبل لا يجوز تقييده بالحال، وإعماله فيها، ولعمرى إن هذه فرية ما فيها مرية؛ إذ لم ينقل عن أحد من النحاة امتناع مثل: سيجىء زيد راكبا، وسأضرب زيدا، وهو بين يدى الأمير؛ كيف وقد قال الله تعالى: سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (١) ...
===
الواقع فى الحال، وإنما لم يصح وقوع هل فيها؛ لأن هل للاستقبال المنافى لحصول الفعل الحالى
(قوله: ومن العجائب إلخ) اعلم أن السبب فى عدم صحة المثال على كلام شارحنا كون الفعل المضارع معناه واقعا فى الحال وهل لا تدخل عليه؛ لأنها إذا دخلت على مضارع خلصته للاستقبال فلو دخلت على الحاصل فى الحال لحصل التنافى والسبب فى الامتناع على كلام ذلك البعض هو أن هل لما دخلت على الفعل المضارع صيّرته نصا فى الاستقبال، وحينئذ فلا يجوز تقييده بالحال وهو فى هذا المثال قد قيد بها.
(قوله: ما وقع لبعضهم) هو العلامة الشيرازى، وقوله فى شرح هذا الموضع أى:
من المفتاح
(قوله: لا يجوز تقييده إلخ) وذلك لعدم مقارنة الحال للاستقبال والقيد والمقيد يجب اقترانهما فى الزمان أى: وهو فى هذا المثال قد قيد بها وعمل فيها، وقوله وإعماله فيها: عطف لازم على ملزوم
(قوله: ولعمرى إلخ) أى: ولحياتى إن مقالة هذا البعض كذبة من غير شك، فالفرية الكذب والمرية الشك وفى تسميته ذلك فرية تسمح؛ لأن الافتراء تعمد الكذب وهو غير موجود هنا
(قوله: سيجىء زيد إلخ) أى: فالمجىء مستقبل بدليل السين وقد قيد بالحال المنفردة، وكذلك قوله بعد سأضرب زيدا فإنه مستقبل بدليل السين وقيد بالحال التى هى جملة اسمية لنكتة، والنكتة فى تعداد الأمثلة الإشارة إلى أنه لا فرق بين أن تكون الحال التى قيد بها الفعل المستقبل مفردة أو جملة
(قوله: كيف وقد قال إلخ) أى: كيف تصح مقالة هذا البعض والحال أن الله تعالى قال: سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ أى: صاغرين، فإن الدخول استقبالى بدليل السين، وقد قيد بالحال