للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ الْمَكانِ الّذِي أَرَادُوا أَنْ يُلْقُوْهُ مِنْهُ فَجَعَلُوا يَتَهافتوْنَ مِنْ ذَلِكَ الْجَبَلِ، وَيَتَرَدَّوْنَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إلا الغُلامُ، ثُمَّ رَجَعَ الغُلامُ، فَأَمَرَ بِهِ الْمَلِكُ أَنْ يَنْطَلِقُوا بِهِ إلَى البَحْرِ فَيُلْقُوْهُ فِيْهِ، فانْطَلَقُوا بِهِ إلَى البَحْرِ، فَأَلْقَى القَوْمُ الغُلامَ، فَغَرَّقَ اللهُ الَّذِيْنَ كانُوا مَعَهُ، وَأَنْجاهُ اللهُ، فَقالَ الغُلامُ لِلْمَلِكِ: إِنَّكَ لا تَقْتُلُنِي حَتَّى تَصْلُبَنِي وَتَرْمِيَني، وَتَقُوْلَ إِذا رَمَيْتَنِي: بِسْمِ اللهِ رَبِّ الغُلامِ، فأَمَرَ بِهِ فَصُلِبَ، ثُمَّ رَماهُ وَقالَ: بِاسْمِ اللهِ رَبِّ الغُلامِ، فَوَضَعَ الغُلامُ يَدَهُ عَلَى صُدْغِهِ حِيْنَ رُمِيَ، ثُمَّ ماتَ، فَقالَ النَّاسُ: لقَدْ أوْتِيَ هَذا الغُلامُ عِلْماً ما عَلِمَهُ أَحدٌ؛ فَإِنَّا نُؤْمِنُ بِرَبِّ هَذا الغُلامُ.

فَقِيْلَ لِلْغُلامِ: إِنْ خالَفَكَ ثَلاثةٌ فَهَذا العالَمُ كُلُّهُمْ قَدْ خالَفُوكَ.

قَالَ: فَخَدَّ أُخْدُوْداً، ثُمَّ أُلقِيَ فِيْها الْحَطَبَ والنَّارَ، ثُمَّ جَمَعَ النَّاسَ وَقالَ: مَنْ رَجَعَ عَنْ دِيْنهِ تَرَكْناهُ، وَمَنْ لَمْ يَرْجِعْ ألقَيْناهُ في هَذِهِ النَّارِ، فَجَعَلَ يُلْقِيْهِمْ في تِلْكَ الأخْدُوْدِ، فَقالَ: يَقُولُ اللهُ -عز وجل -: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ} حتى بلغ {الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج: ٤ - ٨] ".

فأمَّا الغلامُ فإنَّه دفن ثم أخرج فيذكر أنه أخرج في زمن عمر بن الخطَّاب رضي الله تعالى عنه وأصبعه على صُدغه كما وضعها حين قُتل.

وقال في الرواية الثانية: "فقالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الغُلامِ، فَقِيْلَ لِلْمَلِكِ: أَرَأَيْتَ ما كُنْتَ تَحْذَر، فَقَدْ واللهِ نزَلَ بِكَ هَذَا مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ، فَأَمَرَ بِأَفْواهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ فِيْها الأُخْدُوْدُ، وَأُضْرِمَتْ فِيْها النِيْرانُ، وَقالَ: مَنْ رَجَعَ عَنْ دِيْنهِ فَدَعُوْهُ، وَإِلَّا فأَقْحِمُوْهُ فِيْها، فَكَانُوا يَتَقاحَمُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>