واعلم أن من الأمور الخارقة ما يجري علي يدي من لم يكن تبلغ رتبته الولاية؛ إما لبلوغ أجله، وإما رحمة لضعفه، وإما لتوسله بذي كرامة كرامةً لذلك المتوسل به، وإما لاضطراره كخلاص حيوان منا جوع أو عطش، أو خطو هلاك أو منقطع في سفر يرزقه الله طعامًا، أو يسقيه عند خطر زهوق روحه ماء، أو يخلصه من عدو أو يشفيه من مرض.
فهذا وأمثاله لا يكون من باب الكرامة, والفرق بين الكرامة وبينه دقيق.
وفرق بينهما القشيري بأن الكرامة ما كان تخصيصًا من الله لعبد بنوع من أفضاله، وإفراداً له من بين أضرابه وإشكاله مما يدل على علو قدره وشرف حاله.
وعندي أن الفرق بينهما أن الكرامة خارق يظهر على من تمرن على أعمال البر واستقام على الخير كما قال الله تعالى في الحديت القدسي: "مَنْ عادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتهُ بِالحَربِ، وَما تَقَربَ إِلَيَّ عَبدِي بِشيء أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتهُ عَلَيْهِ، وَما يَزال عَبدي يتقرب إِليَّ بِالنوفل حَتَّى أحِبَهُ، فَإِذا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسمَعُ بِهِ، وَبصَرهُ الذي يبصر بهِ، وَيَدَه الَتِي يَبْطِشُ بِها، وَرِجْلَهُ التِي يَمشِي بِها, وإن سَأَلنِي لأعطِيَنهُ, وإن استعاذَ بِي لأُعِيذَنَّهُ، وَما تَرَددْتُ في (١) شيَءٍ أَنا فاعِلُهُ ترددي عن قَبْض نفسِ