لأنه ما آيس من الرد فربما يعود إليه، ويتمكن من رده، وهذا أصح المعنيين عند الشيخ أبي حامد والقاضي أبي الطيب، ونص عليه الشافعي ثم قال: فلو حدث به عيب في يد المشتري الثاني [ثم ظهر به عيب قديم فغرم له الأرش أي للمشتري الثاني](١) ففي رجوعه بالأرش على بائعه وجهان:
قال ابن الحداد: لا يرجع لأنه ربما قبله بائعه لو قبله هو فكان متبرعًا بغرامة الأرش.
وأظهرهما: أنه يرجع لأنه ربما لا يقبله بائعه فيتضرر، قال الشيخ أبو علي: ويمكن بناء هذين الوجهين على ما سبق من المعنيين إن عللنا بالأول فإذا غرم الأرش زال استدراك الظلامة فيرجع.
وإن عللنا بالثانى فلا يرجع لأنه ربما يرتفع العيب الحادث فيعود إليه.
قال: وعلى الوجهين جميعًا لا يرجع ما لم يغرم للثاني، فإنه ربما لا يطالبه الثاني بشيء فيبقى مستدركًا للظلامة. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أنه قد سبق أن ابن الحداد لا يرى التعليل باليأس، فكيف يبني مقالته عليه، وجمهور الأصحاب لا يرون التعليل باستدراك الظلامة، فكيف يخرج مقالتهم أيضًا عليه؟
فالصواب جريان الخلاف مطلقًا، وتعليله ما سبق.
الأمر الثاني: أن ما نقله عن الشيخ أبي عليّ من عدم الرجوع قبل الغرم إنما يستقيم على طريقته من كونه غير آيس.
أما الرافعي فإنه لما صحح جواز الرجوع مع أن العلة فيه اليأس لزم منه أن يكون آيسًا.
وحينئذ فيرجع غرم أم لم يغرم، وصحح في أصل "الروضة" أن العلة هي اليأس كما هو مقتضى كلام الرافعي.