للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* مسألةٌ:

واختلفوا في جواز الفداء بأبناء الكفار الذين لم يبلغوا بَعدُ، فقيل: ذلك باطل، ولا يجوز رَدُّهم إليهم بحال، وقيل: إن كان ذلك بأسارى المسلمين جاز، وإلا فلا، وقيل: يجوز ذلك بالأسارى وبالمال، وسبب الخلاف في أصل هذه المسألة هو: هل أبناء الكفار محمولون على الكفر أو على الإيمان؟ وهي مسألة هائلة، عَظُمَ فيها القول، وكثر الخلاف، واتسع النَّظر بين العلماء، وجملة الأمر الذي عليه مدار ذلك: تأويل قوله -تعالى-: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ. أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: ١٧٢] . وقوله -تعالى-: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠] ، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما مِنْ مولودٍ إلاّ يولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه ويُنَصِّرانه ويمجِّسانه، كما تُنْتَجُ البهيمةُ بهميةً جَمْعَاء، هل تُحِسُّونَ فيها من جَدْعاء؟!» . خرجه مسلمٌ (١) عن

أبي هريرة، وفيه (٢) في بعض طرقه: «ما من مولود يولد إلا على هذه الملَّة، حتَّى يُبَيِّن عنه لِسانُهُ» ، وفيه (٣) في بعضِ طرقه: فقال رجلٌ: يا رسول الله! أرأيت لو مات قبلَ ذلك؟ قال: «الله أعلم بما كانوا عاملين» ، ونحو هذا قال في أطفال المؤمنين، فظواهر هذا كلِّه، أنه ما لم يَبلُغ؛ فيَدينُ بدين أبويه، أو يكفر ابتداءً من نفسه، إن لم


(١) في «صحيحه» في كتاب القدر (باب معنى كل مولوه يولد على الفطرة، وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين) (٢٦٥٨ بعد ٢٢ و٢٣ و٢٤) .
وأخرجه البخاري (الأرقام ١٣٥٨، ١٣٥٩، ١٣٨٥، ٤٧٧٥، ٦٥٩٩) ، وخرّجته بتفصيل في تعليقي على «الإشراف» للقاضي عبد الوهاب (٣/٢٧٦-٢٧٧) ، وانظر: «نصب الراية» (٢/٣٣٣) ، «مجمع الزوائد» (٧/٢١٨) .
(٢) برقم (٢٦٥٨) بعد (٢٣) .
(٣) برقم (٢٦٥٨) بعد (٢٣) .

<<  <   >  >>