للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مما سواه؛ ساغَ له القَتْلُ، ولو بَعْدَ مُدَّةٍ؛ قال بعض الفقهاء: لو عرضهم للبيع ليَختبر أثمانهم، ويناظر بها وجه المصلحة في إحرازها للمسلمين، أو قتلهم، وما أشبه هذا؛ كان له من ذلك ما رآه بعد، فإذا أنفَذَ نظرهُ في واحدةٍ من ذلك غير القتل أو أسقط عنه القتل، وبقي مرتئياً فيما عداه من الوجوه؛ لم يكن له الرجوع إلى القتل؛ لأنه حُكْمٌ وَقَعَ يتضمَّنَ التأمين (١) ، والله أعلم.

مسائل من مفاداة الأسرى

* مسألة:

اتفق الذين رأوا الإمام مخيراً في الأسرى على جواز مفاداة رجال الكفار ونسائهم بالمسلمين يكونون أسرى في دار الحرب، واختلفوا في جواز بيع الرجال منهم بالمال؛ فمنعه قومٌ وأجازه آخرون، وكلا القولين ممَّا قالت به طائفةٌ من المالكية (٢) ، وقال الشافعي (٣) وأبو ثور (٤) : لا بأس ببيع السَّبي؛ الرجال والنساء

من أهل الحرب منهم، وكره أبو حنيفة أن يُباع الرجال والنساء منهم فيتقوَّوا بهم،


(١) انظر: «المدونة» (١/٣٧٤) ، «التفريع» (١/٣٦١) ، «الرسالة» (٢/٣٦) ، «المعونة» (١/ ٦٢٠) ، «النوادر والزيادات» (٣/٧٢) ، «الكافي» (١/٤٦٧) ، «الذخيرة» (٣/٤١٤) .
(٢) جمهور المالكية على جواز بيع أسرى الرجال من أهل الحرب منهم.
انظر: «الذخيرة» (٣/٤١٤) ، «الشرح الصغير» (٢/١٧٦) ، «النوادر والزيادات» (٣/٧٢) ، «الكافي» (١/٤٦٧) ، «المعونة» (١/٦٢١) ، «البيان والتحصيل» (٢/٥٦٠) .
ونقل ابن رشد في «البيان والتحصيل» (٢/٥٦٣) عن الداودي: أن أكثر أصحاب مالك يكرهون فداء الأسرى بالمال، ويقولون: إنما كان ذلك ببدر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - عَلِمَ أنه سيظهر عليهم، وإنما يتفق على جواز فدائهم بأسرى المسلمين.
(٣) في «الأم» (٤/٣٠٥) . وانظر: «الحاوي الكبير» (١٨/٢٠٢) ، «روضة الطالبين» (١٠/ ٢٥١) ، «العزيز شرح الوجيز» (١١/٤١١) ، «منهاج الطالبين» (٣/٢٧٢) ، «مغني المحتاج» (٤/٢٢٨) .
(٤) نقل مذهبه: ابن المنذر في «الأوسط» (١١/٢٢٤) ، والطبري في «اختلاف الفقهاء» (١٤٥) ، والعيني في «عمدة القاري» (١٤/٢٦٦) ، وانظر: «فقه الإمام أبي ثور» (ص ٧٧٦) .

<<  <   >  >>