للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جيوشه: «لا تَغُلُّوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا» .

وأما ما كان في شأن العرنيين (١) ، فقصاص أو منسوخ، على خلافٍ في ذلك. قال البخاري في كتابه (٢) -بعد ذكر قصتهم-: قال أبو قلابة: قتلوا، وسرقوا، وحاربوا الله ورسوله، وسعوا في الأرض فساداً. وفي كتاب مسلم (٣) ، عن أنس

قال: إنما سَمَلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أعينَ أولئك؛ لأنهم سملوا أعين الرِّعاءِ.

فأمَّا إذا لم يمكن الوصولُ إلى نَيل العدوِّ والاستيلاءُ عليهم إلا بالتحريق بالنار، كما لو اعتصموا بالحصون والغيرانِ، ومثل أصحاب السفن في البحر، فهذا شيءٌ كرهه جماعة من أهل العلم، وأباحه غيرهم؛ فممَّن رُوي عنه جواز ذلك: الشافعي وأبو حنيفة والثوري، وقاله الأوزاعي، وممن رُوي عنه المنع جُملةً: مالكٌ -رحمه الله- في إحدى الروايتين عنه، وأباح ذلك في رواية، بشرط أن لا يكون في الحصن إلا المقاتلة، دون النساء والصبيان (٤) ، واستخفَّ في قتال السفن في البحر الرَّميَ بالنار، وإن كان فيهم النساء والصبيان، ولم يختلف في جواز ذلك في السفن


(١) أخرج قصة العرنيين: البخاري في «صحيحه» . (الأرقام ٢٣٣ و١٥٠١ و٣٠١٨ و٤١٩٣ و٤٦١٠ و٥٦٨٥ و٥٦٨٦ و٥٧٢٧ و٦٨٠٢ و٦٨٠٣ و٦٨٠٤ و٦٨٠٥ و٦٨٩٩) ، ومسلم (رقم ١٦٧١) . من حديث أنسٍ -رضي الله عنه-.
(٢) في «صحيحه» في كتاب الجهاد والسير (باب إذا حرَّق المشركُ المسلمَ هل يُحرَّق؟) (رقم ٣٠١٨) ، وفي كتاب المحاربين (باب لم يُسْقَ المرتدون المحاربون حتى ماتوا) (رقم ٦٨٠٤) .
وأخرجه برقم (٢٣٣ و٦٨٠٥) وذكر كلام أبي قلابة، وزاد: وكفروا بعد إيمانهم.
(٣) في «صحيحه» في كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات (باب حكم المحاربين والمرتدين) (١٦٧١) (١٤) .
(٤) «المدونة الكبرى» (٢/٢٤، ٢٥) ، «البيان والتحصيل» (٣/٤٤، ٥٢) ، «قدوة الغازي» (ص ١٧٢-١٧٣) ، «جامع الأمهات» (ص ٢٤٥) ، «النوادر والزيادات» (٣/٦٦) ، «الذخيرة» (٣/ ٤٠٨-٤٠٩) ، «حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر خليل» (٣/١٤٦) ، «الخرشي» (٤/١٥) ، وقد مضى ذكر مذهب مالك في رمي الحصون بالمنجنيق والتحريق بالنار.
وفي «جامع الأمهات» (٢٤٥) قال: ورأى اللَّخمي أنه إن خافت جماعةٌ كثيرةٌ منهم: جاز قتل من معهم من المسلمين ولو بالنار، وهو مما انفرد به.

<<  <   >  >>