وزاد في البيان ثالثاً: بالفرق بين قيام بينة وعدمه، ورابعاً: أن عليه الأجرة، سواء قامت بينة على ضياعها قبل العمل أو لا، ويؤدي قيمته معمولاً؛ أخذه من قول ابن القاسم في العتبية: إذا نقص الدقيق فعلى الطحان ضمان ما ينقص مثل قيمته من الدقيق.
ابن رشد: وهو خلاف مذهبه في المدونة ولا يجوز على مذهبه فيها أن يأخذ ما نقصه من الدقيق لما يدخله من التفاضل بين القمح والدقيق؛ إذ الواجب عليه ما نقصه من القمح فإن كان القمح مثلاً ثمانية أقفزة ويزيد بالطحن قفيزاً، فلم يجد إلا ثمانية فعليه ثمانية أتساع قفيز من قمح وعليه طحنه ويأخذ جميع أجرته، وإن لم يطحنه أنقصه تسع الأجرة فلو أخذ منه على هذا دقيقاً لكان قد ابتاع منه قفيز دقيق بثمانية أتساع قفيز من قمح وبتسع الأجرة فيدخله التفاضل.
ضمير (شَرَطَ) عائد على الصانع، وضمير (انْتِفَاعِهِ) عائد على الضمان، وفي بعض النسخ (وفي انتفائه) فيعود الضمير على الصانع.
(رِوَايَتَانِ) روى ابن القاسم أنه لا ينفعه شرطه وبما قال قال في الجواهر.
وروى أشهب أنه ينفعه ولم يذكر صاحب النوادر والباجي وصاحب المقدمات ذلك على أن أشهب رواه، بل على أنه قاله.
نعم، تقدم في الرهن أن أشهب روى عدم الانتفاع بالشرط فيه والباب واحد ورأيت للخمي وغيره أن هذا الخلاف إنما هو في الصانع الواحد، وأما لو اشترط الصناع كلهم نفي الضمان فيتفق على أنهم لا يوفى لهم بذلك؛ لأن في الوفاء لهم عدم ما تقدم من الدليل.
واعلم أن بعض شيوخنا قال لمن اشترط نقل الضمان من محل إلى محل غيره: فلا يخلو من ثلاثة أقسام: إما أن يكون المحل استقر فيه الضمان لم يختلف فيه أحد من العلماء أنه