للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ولعله محمول على ما إذا كان متعدياً بأن وجد عظماً طاهراً، واستعمل النجس.

والغزالي في هذا الاحتمال متبع الإمام، والأمر عند الأصحاب كذلك، وادعاء الغزالي مع ذلك غلط؛ فإنه لا خلاف أنه لو لم يجد في الابتداء عظماً طاهراً، وخاف التلف إن لم يَصِلْه بعظم نجس- جاز أن يصلي به؛ فوجب إذا خاف التلف من قلعه أن يقر على حاله؛ لحراسة نفسه، وليس كذلك فعل الزاني وقاتل النفس؛ لأنهما لا يحلَّان في ضرورة ولا في غيرها.

على أن الفرق بينهما: أن حد الزنى والقصاص ردع له إن عاش، وزجر لغيره إن مات، وقلع ما وصله من نجاسة لأجل صلاته يتلفه، وبتلفه تسقط عنه الصلاة؛ فكان تركه حيّاً يؤدي الصلاة حسب إمكانه أولى.

وفي "التتمة": أنه في الابتداء لو لم يجد إلا عظماً نجساً، أو كان لا ينجبر الكسر إلا به، فهل يجوز استعماله؟ يبنى على أنه لو فعل هل يقلع أم لا؟ إن قلنا: يقلع، فلا يجبره به، وإلا جبره به، وهذا جرياً منه على ظاهر النص، والمشهور خلافه.

ثم الخلاف جارٍ- كما قال البندنيجي- سواء كان العظم قد استتر باللحم أم لم يستتر؛ لأن العلة خوف التلف، وهي موجودة في الحالين.

والغزالي قال ما ذكره فيما إذا كان العظم ظاهراً، [وأما إذا كان مستتراً] [فإنه يبعد] إيجاب النزع، وهذا ما أبداه الإمام، وقال: لولا أن المذهب نقل، لكان القياس، بل القواعد الكلية تقتضي أن أقول: لا ينزع عند الخوف وجهاً واحداً، ولا عند الاكتساء بالجلد وحصول الستر، أي: وإن لم يكن ثم خوف.

وجزم في "الوجيز" بأنه [لا ينزع] إذا خاف التلف عند النزع بعد أن استتر باللحم، وخص الخلاف بما إذا لم يستتر.

أما إذا لم يخف تلف النفس والعضو من نزعه، لكن خشي طول الضنى أو حصول شَيْن فيه، فمفهوم كلام الشيخ: أنه لا تصح صلاته، ومقتضاه وجوب قلعه، والقياس

<<  <  ج: ص:  >  >>