والخلاف في الدخان مفرع على ذلك، فإن قلنا: إن الرماد يطهر؛ فكذلك الدخان، وإلا فوجهان.
قال القاضي الحسين: فإن قلنا بنجاسته، فإن أصاب ثوباً رطباً نجَّسه، وإن كان الثوب يابساً، فوجهان.
قال: ومثل ذلك ما إذا دخل الإسطبل، وراثت الدواب، وخرج منه دخان، أو دخل المستحَمَّ، وبال، وتغوَّط، وخرج منه دخان في الحال، فأصاب ثوبه- فإن كان رطباً ينجس، وإن كان يابساً ففيه وجهان.
وأصل هذا ما حكيناه عن الحليمي في كتاب الطهارة: أن الإنسان إذا خرج منه ريح، وكانت ثيابه رطبة، تنجست، وإن كانت يابسة فلا.
والآجر المعجون بالماء النجس، قضية ما حكيناه عن القاضي: أن يطهر ظاهره وباطنه على وجه، وقد أشار إليه الإمام حيث قال: إن قلنا: إن الشمس تطهِّر، فالنار أقوى أثراً وأبلغ؛ فينبغي أن تطهر الآجر.
وعلى وجه يطهر ظاهره فقط، وهو ما حكاه في "الوسيط" تفريعاً على القديم، وإن كان قد قال عند حكاية القديم: إنه لا تفريع عليه.
وأجاب بعضهم عن ذلك بأن اللَّبِنَ في معنى قطعة من الأرض؛ فيكون مِن صُوَر المسألة، لا فرعاً لها.
وطريق تطهير باطنه: أن يدق حتى يصير تراباً، ثم نفيض عليه الماء؛ قال الروياني: وقال بعض أصحابنا: إذا صب الماء عليه، وكاثره حتى خلص الماء إلى الوجه الآخر وتقطر بالرشح، طهر كما يطهر بالأرض.
قال: وهذا أصح. نعم: لو كان عجن بالسرجين، فلا يطهر باطنه ولا ظاهره على الجديد، وعلى القديم يطهر ظاهره فقط؛ لأن النار تأكل السرجين الظاهر؛ فيطهر محله، وهو ما حكاه في "الإبانة" عن تخريج الخضري.
وإذا قلنا بالجديد، فإذا صب عليه الماء بعد ذلك، فهل يطهر ظاهره حتى تجوز الصلاة عليه، ولا تجوز مع حمله إلا على رأي ابن أبي هريرة- كما أسلفناه- أو لا يطهر باطنه ولا ظاهره؟ فيه وجهان في "الإبانة":
المنسوب منهما إلى القفال: الأول، وهو ما أورده ابن الصباغ وغيره.
ونسب إلى الشيخ أبي حامد الثاني، موجهاً له بأن النجاسة صارت جامدة، وقد