تاب منه لم ينعزل به؛ لانتفاء العصمة عنه؛ فإن هفوات ذوي الهيئات مقالة، قل أن يسلم منها إلا من عصم، وإذا انعزل بالفسق، فحكم في حال العزل: فإن كان إلزاماً بإقرار صح، وإن كان حكماً بشهادة بطل، وعليه أن يمتنع من الحكم، ويهي حاله إلى الإمام أو إلى من ولاه؛ ليقلد غيره، ولا يغتر به الناس إن لم يعرفوه، ويقف أحكامهم إن عرفوه، وهو في إنهاء حاله بين أمرين: إما أن يظهر الاستعفاء ويكتم حاله؛ ليكون أستر [له]، وهو أولاهما، وإما أن يخبر بسبب انعزاله وإن كره له هتك ستره.
قال: وإذا وصل الكتاب، أي: الموصوف بما ذكرناه، وحضر الخصم، وقال، أي: بعد الدعوى عليه وإنكاره الحق وإقامة البينة بما في الكتاب: لست فلان بن فلان، أي: المذكور في الكتاب، وليس معروفاً بذلك- فالقول قوله مع يمينه؛ لأنه أخبر بنفسه، والأصل أن لا مطالبة عليه، فلو نكل عن اليمين حلف المدعي، وتوجه الحكم عليه، ولو امتنع من الحلف على نفي الاسم، وأراد الحلف على نفي الاستحقاق- فالمحكي عن الصيدلاني: أنه تقبل منه اليمين على هذا الوجه، ويندفع القضاء؛ استشهاداً بأن من ادعى عليه جهة في الاستحقاق كالقرض مثلاً، فلم يتعرض في جوابه لها، واقتصر على قوله: لا يلزمني تسليم شيء إليه- أنه تقبل منه اليمين، كذلك ها هنا.
قال الإمام: وهذا عندي خطأ؛ فإنه إنما امتنع من اليمين على نفي الاسم والنسب؛ لثبوتهما، ولو ثبتا فالحجة قائمة عليه، والقضاء [مبرم]، وليس كالدعوى المختصة بنفي الإقراض؛ فإن الدعوى ليست حجة، فأثبت الشرع للمدعى عليه مسلكاً في الخصومة يوافق الحق عنده، والمسألة محتملة مع ما ذكرناه.
ولأجل ما ذكره الإمام جزم في "الوجيز" بأنه لا يحلف كذلك، وقال ابن يونس: