ولأن كل ما نسبه إلى نفسه لم يكن إقرارا بالزنى، وجب إذا نسبه إلى غيره ألا يكون قذفا بالزنى؛ قياسا على حالة الرضا.
وقد عد من جملة الكنايات قول الشخص للشخص:"يا قواد"؛ فإنه كناية عن قذف زوجته، وعن الشيخ إبراهيم المروزي: أنه حكى عن أستاذه: أنه قال: هو صريح؛ لاعتياد الناس القذف به.
ومنهم من يجعله صريحا في العامي خاصة، قاله الرافعي في هذا الباب.
واعلم أن عد لفظ الشيخ:"يا حلال ابن الحلال"، من الكنايات حتى يقع بها القذف إذا نواه هو وجه لبعض الأصحاب، ولم يورد الشيخ أبو حامد وجماعة - كما قال الرافعي – سواه.
قال: والصحيح: أنه وما شابهه: [كقوله]: أما أنا فلست بزان، وأمي ليست بزانية، وما أحسن اسمك في الجيران، وما أنا بابن خباز ولا إسكاف، وما أشبهه - ليس بكناية؛ لأن الكناية هي [التي] تنبئ على المعنى وعلى غيره ولو على بعد، وهذه الألفاظ لا دلالة فيها على القذف، بل هي من المعاريض، وما يتخيل ويفهم منها، فمستنده قرائن الأحوال، وإذا لم تكن كناية، لم يحصل بها قذف وإن أريد، لأن الكناية إنما تؤثر النية فيها.
[قال]: وظاهر النص الأول؛ لأنه [قال] كما حكاه القاضي الحسين في أواخر الباب -: ولا حد في التعريض ولا في الكناية ما لم يرد به القذف.
وقد استدل الأصحاب على أن التعريض في حالة الغضب لا يكون قذفا بما
رواه الشافعي مسندا عن أبي هريرة: أن رجلا من فزارة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا
رسول الله، إن امرأتي ولدت غلاما أسود؟! فقال: له النبي صلى الله عليه وسلم: "ألك
إبل؟ "، قال: نعم، [قال:"ما ألوانها؟ " قال: حمر كلها، قال:"هل فيها من أورق] "؟ قال: نعم،
قال: أنى ذلك"؟ قال: لعل عرقا نزع، قال: "كذلك هذا، لعل عرقا