والقاضي أبي الطيب-: أنه لا يجزئ؛ لأن سبب استحقاق العتق إنما هو عتق النصف الأول، فإذا لم تقارن النية سبب الاستحقاق لم يجزئه.
والثاني: أنه يجزئه، وهو الذي حكاه الغزالي في "الوجيز" ورجحه الرافعي، وقائله في الحقيقة يجعله مخيراً على هذا القول بين أن ينوي عند التلفظ أو عند الأداء.
فإن قيل: كيف قلتم بإجزاء حصة الشريك وهي مستحقة للعتق عن غير الكفارة، وعندكم إذا استحق العتق بغير الكفارة لا يجزئ عنها كأم الولد؟ فالجواب أن سبب استحقاق العتق في الباقي إعتاق نصيبه وقد اقترن به نية الكفارة، والعتق في الباقي تَبَعٌ للعتق في نصيبه، وكما يتبعه في أصل العتق، جاز أن يتبعه في الوقوع عن الكفارة، وهناك لم تقترن النية بسبب العتق، وليس نفوذ العتق في المستولدة على سبيل التبعيَّة.
ولو كان المعتق معسراً نفذ العتق في نصيبه، وإذا ملك باقيه وأعتقه عن الكفارة- أجزأه، ولو لم ينو الكفارة عند إعتاق الباقي لم يجزئه، وفيه وجه حكاه الفوراني إلحاقاً بما إذا فرق الوضوء وجوزناه؛ فإنه لا يجب تجديد النية، والله أعلم.
قال: وإن أعتق نصف عبدين، أي: وهو معسر- فقد قيل: يجزئه، وهو الذي ذهب إليه أكثر الأصحاب على ما دل عليه كلام ابن الصباغ؛ لأن الأشقاص تنزل منزلة الأشخاص في الزكاة كما إذا ملك نصف ثمانين شاة ونصفها الآخر لذمي- فإنه يلزمه ما يلزمه لو ملك أربعين شاة، وكذا لو ملك نصف عبدين، لزمه صاع في الفِطرة كما لو ملك عبداً.
وفي "تعليق" القاضي الحسين: أن الشافعي رضي الله عنه نص على إجزاء أنصاف الرقاب عن الكفارة فقال: ولو أعتق رقبتين عن كفارتي ظهار، أو ظهار وقتل، أجزأه، ويقع نصفه عن كفارة هذا، ونصف عن [كفارة] ذاك، وإنما كان كذلك؛ لأن الجملة إذا قوبلت بالجملة، تتوزع آحادها على آحادها.
فإن قيل: ما ذكرتم موجود في الأضحية وقد جزمتم بعدم الإجزاء.
قلنا: فرق الأصحاب بينهما بأن التشقيص عيب، ومطلق العيب يمنع الإجزاء في