"أَطْعِمْ وَسْقاً مِنْ تَمْرٍ سِتِّينَ مِسْكِيناً"، فقال: والذي بعثك بالحق نبيّاً، لقد بتنا وَحِشَيْنِ ما لنا طعام؛ فأمره أن ينطلق إلى صاحب صقة بني زُرَيْقٍ؛ ليدفعها له، ويطعم منها ستين مسكيناً وسقاً من تمر، ويأكل هو وعائلته بقيتها. وخرجه الترمذي أيضاً.
وقوله: وحشين، أي: جائعين، قاله الجوهري في الصحاح.
قال: مؤمنة؛ لأنه تكفير بعتق فكان من شرطه الإيمان ككفارة القتل، وقد ورد الشرع باعتبار الإيمان فيها، ولأن كل رقبة لم تجزئ في القتل، لم تجزئ في كفارة الظهار كالمعيبة، وهذه المسألة مما حمل الشافعي- رضي الله عنه- فيها المطلقَ على المقيد، وشبه ذلك بقوله- تعالى-: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}[البقرة: ٢٨٢]؛ فإنه محمول على المقيد في قوله:{وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق: ٢].
والكلام في [أن] الإيمان بماذا يحصل؟ وفي أي وقت يحصل- مذكور في كتاب اللقيط؛ لأن له تَعَلُّقاً به.
فرع:[الصبي] إذا أسلم، وقلنا: إن إسلامه يكون موقوفاً- فإذا أعتقه لا يحل له في الحال، لكن ينظر: إن بلغ ووصف الكفر، بانَ عدمُ إجزائه عن الكفارة، وإن استمر على الإسلام ففي إجزائه وجهان، والله أعلم.
قال: سليمة من العيوب التي تضر- أي: بضم التاء- بالعمل، أي: ضرراً بييناً؛ لأن المقصد من العتق تكميل حاله؛ ليتفرغ للعبادات والوظائف المختصة بالأحرار، وإنما يحصل هذا الغرض إذا استقل وقام بكفايته، أما إذا لم يمكن ذلك، لم يتفرغ وصار كَلّاً على نفسه وغيره، وهذا بخلاف العيوب في البيع، فإن المعتبر فيها ما ينقص المالية؛ لأن القصد من الأعيان ثَمَّ الماليةُ.
فإن قيل: الآية دلت على إعتاق رقبة مطلقة والمعيبة داخلة تحتها، فلم لا تجزئ كما ذهب إليه داود؟ قلنا: الرقبة إحدى ما يكفر بها؛ فلم يجزئ فيها ما يقع عليه الاسم كالإطعام، كذا قاله ابن الصباغ وغيره.
قال: كالعَمَى والزَّمانة، أي: في جميع البدن، أو في البعض الذي يمنع فقدُهُ الإجزاءَ، وقطع اليد والرجل أو الإبهام أو السبابة أو الوسطى؛ لأن هذه الأشياء تضر