فإن قيل: إذا قلتم بأن لفظ الحرام صريح عند الإطلاق في إيجاب الكفارة، وقلتم: إنه صريح في الطلاق؛ [لشيوعه] فهل تحكمون بوقوع الطلاق، ووجوب الكفارة، أو ماذا تصنعون؟
قلنا: قضية ما في "التهذيب": أنه يتعين الطلاق.
وفي "النهاية": أنا إن حكمنا بأن مأخذ الصراحة الشيوع، فلا يتصور كون لفظ التحريم صرحياً في الناس؛ فإن معنى الشيوع ألا يستعمل في اطراد العادة إلا في المعنى المطلوب، وحينئذ لا يتصور أن يشيع لفظ على الحد الذي ذكرناه في المعنيين مع اتحاد الزمان والمكان؛ فإن شاع أحد المعنيين، كان صريحاً فيه، كناية في الثاني؛ ولذا جوزنا أن يكون للصرائح مأخذان:
أحدهما: ورود الشرع.
والثاني: الشيوع على النعت المتقدم.
فلو فرض شيوع التحريم في الطلاق، فلا يتجه إلا أحد أمرين:
إما تغليب وقوع الطلاق؛ فإنه يحرم النفس، والتحريم الموجب للكفارة لا يحرمها.
وإما خروج اللفظ عن كونه صريحاً في الناس جميعاً؛ لتعارض العرف والشرع، واستحالة الجمع، وامتناع تخصيص أحد الجانبين؛ فلا يعمل اللفظ إذن في أحد المعنيين إلا بقصد، والله أعلم.