قلت: وهذا الخلاف يمكن تخريجه على أن وقوع الطلاق عليها بطريق التعبير بالبعض عن الكل، أو بطريق السراية على ما سيأتي.
فإن قلنا: إنه بطريق التعبير بالبعض، كان كناية؛ لأن ذلك من أنواع المجاز، والمجاز لا يستقل بالإفادة.
وإن قلنا: إنه بطريق السراية، فهو صريح.
ولو قال: أنتمطلقة، أو: يا مطلقة، لا يكون صريحاً؛ لعدم الاشتهار، وإن كان الطلاق والتطليق متقاربين؛ كالإكرام والتكريم.
وفي التتمة حكاية وجه: أنه صريح.
قال: فإن ادعى أنه أراد طلاقاً من وثاق، أو فراقاً بالقلب، أو تسريحاً من اليد- لم يقبل في الحكم؛ لأنه يدعي خلاف ما يقتضيه اللفظ عرفاً، ويُدَيَّن فيما بينه وبين الله عز وجل؛ لأنه يحتمل ما يدعيه.
نعم، لو كان يحل وثاقها وقال: أردت بالطلاق: حل الوثاق، فهل يقبل في الظاهر؟ فيه وجهان في الوسيط وغيره.
وضابط ما يُدَيَّن فيه: كل ما يقبل ظاهراً إذا وصل به اللفظ يُدَيَّن فيه إذا نواه ولم يأت به إلَّا الاستثناء، كقوله: أنتطالق، وينوي إن شاء الله، وسيأتي الكلام في ذلك- إن شاء الله تعالى.
ومعنى التدين: أنه لا يقع الطلاق في نفس الأمر؛ إن كان صادقاً فيما يدعيه، ثم إن المرأة إن صدقته، حل لها أن تقيم معه، فلو رآهما الحاكم مجتمعين، هل يفرق بينهما؟ فيه وجهان محكيان في المهذب وغيره.
قلت: وقد يظهر ضعف القول بعدم التفريق؛ لأنه لو قيل به: رجع الأمر إلى أنا نقبل قوله في الحكم إذا صدقته؛ إذ لا معنى للقبول في الحكم إلا جواز الوطء وتقريرهما على النكاح وترتيب أحكامه.
وإن كذبته المرأة فلا يجوز لها التمكين، وعليها الهرب، ويجب على الحاكم أن يفرق بينهما.