للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آخر الإجارة عن ابن كج؛ كما لو استعاره؛ ليرهنه.

قال: وإن أعاره حائطاً؛ لوضع الجذوع، لم يرعج فيها ما دامت الجذوع عليها – أي: محكمة – لأن الشيء ينتفي؛ لانتفاء ثمرته، وثمرة الرجوع هاهنا [منتفية؛ فانتفى لذلك، وإنما قلنا: إن الثمرة] منتفية؛ لانها منحصرة في تملك ما أحدث في المستعار بالقيمة أو المطالبة بقلعه مع بذل أرش النقص، أو مجاناً، أو طلب الأجرةِ، وكل منها منتفٍ:

أما التمليك؛ فلأنه لا سبيل إلى تملك كل الجذع؛ لأنه إنما يتملك ما علا ملكه، وبعضه لم يعله، بل علا ملك صاحبه.

ولا سبيل إلى تملك رأس الجذوع؛ لأنه لا منفعة فيه، وقد يتضمن بيع ما تنقص قيمته بقلعه.

وأما القلع مع ضمان أرش النقص، فلأن الجذع إذا رفع طرفه من حائط، لم يستسمك على الحائط الآخر؛ فاستلزم القلع إجباره على إزالة ملكه عن ملكه، وليس للمعير الإجبار على مثل ذلك؛ ألا ترى أنه لو أعاره حصته من أرض له فيها حصة؛ ليبني فيهان أو يغرس – لم يملك إجباره على القلع؛ فكذلك هاهنا. وأما القلع مجاناً؛ فلأنه إذا امتنع القلع مع ضمان النقصان – لما ذكرناه – فمع عدمه أولى، مع أنه أذن فيه، وهو مراد للبقاء؛ فأشبه البناء والغراس.

وأما طلب الأجرة؛ فلأن هذه المنفعة مسامح بها، ولم تجر عادة بمقابلتها بالأعاض؛ ولهذا أجبر عليها [في القديم، وجازت المصالحة عليها] لا إلى غاية؛ لتمكن مالك الجدار من الانتفاع به مع بقاء الجذوع؛ بخلاف الأرض المعارة للبناء والغراس؛ فإن العادة جارية بأخذ مقابل منفعتها؛ فإن الانتفاع بها متعذر مع ذلك؛ وهذا ما حكى الرافعي أنه مذهب العراقيين، وحكى الإمام – هاهنا -: أنه الذي أطلقه المحققون.

<<  <  ج: ص:  >  >>