أما إذا تميز مال الوديعة من المختلط به، مثل: أن خلط الدراهم بالذهب فلا ضمنا، اللهم إلا أن يحصل نقص بسبب الخلط؛ فيضمنه، كما صرح به الماوردي.
قال: وإن استعملها، أي: مثل: أن كان ثوباً فلبسه، أو دابة فركبها.
قال: أو أخرجها من الحرز لينتفع بها، أي: غير ظان أن ذلك ملكه.
قال: ضمن، أي: وإن لم ينتفع؛ لتفريطه وخيانته.
ولو أخرج البعض بهذا الغرض، مثل: أن كانت الوديعة عشرة دراهم مثلاً، فأخرج منها درهماً، ولم يكن الحرز مقفلاً ولا مختوماً – ضمنه لا غير.
فلو تصرف فيه وأعاد بدله لم يملكه المالك ما لم يقبضه، لكن ينظر: إن لم يتميز عن المختلط به ضمن جميع العشرة، وإن تميز فلا، وإن تميز عن البعض ضمن ما لم يتميز عنه خاصة.
ولو أعاد الدرهم بعينه: فإن تميز لم يضمن سواه، وإن لم يتميز فكذلك على أصح القولين، هو ظاهر النص في "المختصر"، ونسبه الماوردي إلى ابن أبي هريرة والبغداديين؛ لأن هذا الاختلاط كان حاصلاً قبل الأخذ. فعلى هذا: لو تلفت العشرة لم يضمن إلا درهماً، وإن تلفت خمسة لم يضمن إلا نصف درهم.
أما إذا كان الحرز مقفلاً، ففتح قفله ضمن جميع العشرة، وإن لم يخرج منها شيئاً، كذا لو كان مختوماً ففك ختمه، أو مربوطاً فحله، أو قطع الكيس من تحت الرَّبْط.
وحكى الماوردي في فك الختم، وحل الربط وجهاً: أنه لا يضمن العشرة بمجرد ذلك؛ لأنه لم يكن منيعاً، بخلاف القفل.
وهذا ما أورده الرافعي في حل الخيط [من رأس] الكيس، ومن رزمة الثياب، وعلله: بأن القصد من ذلك المنع من الانتشار، لا أن يكون مكتوماً