الصَّدقة أن تتصدَّق على ذي الرَّحم الكاشح"، [والكاشح:] الذي يعاديك ويغتابك ويقع فيك إذا غبت، كذا حكاه القاضي الحسين في صدقة الفطر.
قال الشافعي: "ولأنه أعلم بحال قريبه منه بحال غير قريبه؛ فكان صرف الصدقة إليه أفضل"؛ ولهذه العلة استحببنا عند فقد الأقارب صرفها إلى جيرانه، وقد تقدم حكاية وجه في تعين الصرف لهم عند اتساع البلد، ومنع النقل إن كان رب المال هو المفرق.
[و] قال القاضي الحسين في صدقة الفطر: ويستحب أن يقدم ذا الرحم المحرم ثم ذا الرحم غير المحرم، [ثم المحرم] بالرضاع، ثم بالمصاهرة، ثم الجيرة بعد ذلك.
أما أقاربه الذين تلزمه نفقتهم فلا يجوز أن يعطيه من سهم الفقراء والمساكين، وكذا من سهم المؤلفة؛ لأن نفقتهم إنما تلزمه عند فقرهم، وحينئذ فدفعه يسقط النفقة عن نفسه كما يسقطها الصرف إليه من سهم الفقراء. ولا يجوز أن يعطيهم من سهم أبناء السبيل ما يحتاج إليه سفراً وحضراً؛ فإن هذا القدر هو المستحق عليه بسبب القرابة، ويجوز أن يعطيهم منه الزائد على نفقة الحضر؛ لأن ذلك لا يلزمه بالقرابة، وكذا يجوز أن يعطيهم من سهم الغارمين والمكاتبين والغزاة، قال الرافعي: والعاملين إذا كانوا بهذه الصفات. وقال البندنيجي بعد حكايته عن الأصحاب أنه يجوز أن يعطيهم من سهم العاملين: إن هذا غير صحيح؛ لأنه لا يتصور أن يدفع رب المال نصيب العاملين من زكاته؛ ولأجل ذلك قال ابن الصباغ: يجوز أن يعطي من سهم العاملين وإنما يكون بدفع الإمام دون دفعه.
وهذا كله إذا كان القريب حيًّا، فلو مات بعد وجوب الزكاة عليه فهل للإمام