قلنا: بيت المال عصبة الميت؛ لأنه لجميع المسلمين، وهم عصباته؛ فحلوا محل عصبته، وهاهنا ليس فيهم معنى الاستحقاق؛ فافترقا.
ولا فرق في الصنف المفقود بين أن يكون العامل أو المؤلفة أو المكاتبين أو غيرهم، حتى إذا كان غير [العامل فض] المأخوذ على سبعة، وقوبل السبع بأجرة العامل كما تقدم. وإن كان المفقود العامل؛ لتفرقة رب المال الزكاة بنفسه – قسم المأخوذ على سبعة على المشهور، ووراءه، وجان:
أحدهما – حكاه الحناطي عن النص -: أنه يسقط في هذه الصورة سهم المؤلفة أيضاً، وتكون القسمة على ستة أسهم، وهو هكذا في "فتاوى" القفال، ولعله أشار بذلك إلى نصه في "الأم"؛ فإن الماوردي حكى في صدقة الفطر أن الشافعي قال في "الأم": إذا تولى رب المال إخراج صدقة الفطر [فرقها في] ستة أصناف، وسقط عنه سهم العاملين والمؤلفة وادعى الإمام في أول باب كيف تفريق قسم الصدقات: أنه [الرأي] الظاهر.
والثاني – حكاه الحناطي أيضاً عن أبي سعيد الإصطخري -: أنه يجوز الصرف في هذه الحالة إلى ثلاثة من الفقراء، والمشهور نسبة هذا القول إليه في زكاة الفطر.
ولو فقد الصنف في بلد المال، ووجد في غيره: فإن كان المفقود العامل؛ فالحكم كما تقدم، وإن كان غيره: فإن كان نصيب الموجودين [قدر كفايتهم، نقل نصيب المفقودين في البلد إلى الذي وجدوا منه في غيره، قاله البندنيجي، وإن كان نصيب الموجودين] دون كفايتهم؛ ففيه ثلاث طرق:
[إحداها] – حكاها الماوردي -: أنه ينظر: فإن كان المفقود الغزاة نقل سهمهم إلى الغزاة الذين يوجدون في الثغور وغيرها؛ [لأنهم يكثرون في الثغور] ويقلون في غيرها، فلم يكتفوا بسهمهم من صدقات بلادهم. وإن كان المفقود غيرهم فهل يصرف إلى الموجودين من باقي الأصناف، أو ينقل إلى ذلك الصنف حيث كان؟ فيه وجهان.