كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير

قوله: "يحذين" (١) بضم حرف المضارعة فحاء مهملة، فذال معجمة فمثناة تحتية فضمير جماعة النساء، أي: يرضخ لهن بشيء من الغنيمة، وبهذا قال أكثر العلماء، وقال الأوزاعي (٢): إنّ النساء يقسم لهن مع الرجال إن قاتلن أو داوين الجرحى، وقال مالك (٣): لا يرضخ لهن، وهذان المذهبان مردودان (٤) بهذا الحديث الصحيح.

قوله: "متى ينقضي يتم اليتيم" أي: متى ينقضي حكم اليتم ويستقل اليتيم بالتصرف في ماله، وأمّا نفس اليتيم فينقضي بالبلوغ، وقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يتم بعد حلم" (٥)، وفي [كل (٦)] كلام ابن عباس متمسك للشافعي (٧) ومالك (٨) وغيرهما (٩) أنّ حكم اليتم لا ينقضي

(١) أي: يُعْطَين، "النهاية في غريب الحديث" (١/ ٣٥١)، "المجموع المغيث" (١/ ٤١٦).
(٢) انظر: البيان للعمراني (١٢/ ٢١٨)، "المغني" (١٣/ ٩٧).
(٣) انظر: "التهذيب في اختصار المدونة" (٢/ ٦٨).
(٤) انظر: "رؤوس المسائل" (٥/ ٧٥٤)، "المغني" (١٣/ ٩٧ - ١٠٠)، "بدائع الصنائع" (٧/ ١٢٦).
(٥) أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" رقم (١٧٦٧) والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣١٩) والحارث كما في "بغية الحارث عن زوائد مسند الحارث" رقم (٣٥٤)، وابن عدي في "الكامل" (٢/ ٨٥٢)، عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا رضاع بعد فصال، ولا يُتم بعد احتلام"، وهو حديث حسن.
وأخرج أبو داود في "السنن" رقم (٢٨٧٣)، عن علي بن أبي طالب قال: حفظت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُتم بعد احتلام، ولا صُمات يوم إلى الليل"، وهو حديث صحيح. انظر "الإرواء" (٥/ ٧٩ - ٨٣) رقم (١٢٤٤)، وأخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" من وجه آخر عن علي بن أبي طالب (٢/ ١٥٨ رقم ٩٥٢ - "الروض الداني") بلفظ: "لا رضاع بعد فصال، ولا يتم بعد حُلم"، وقد حسنه الزرقاني في "مختصر المقاصد الحسنة" رقم (١٢٠٧)، وانظر "الإرواء" رقم (١٢٤٤).
(٦) زيادة من (ب).
(٧) "البيان" للعمراني (٨/ ٢٢٩ - ٢٣٠).
(٨) "مدونة الفقه المالكي وأدلته" (٣/ ٦٥٧ - ٦٥٨).
(٩) انظر: "فتح الباري" (٥/ ٢٧٩) "البناية في شرح الهداية" (١٠/ ١٢٥)، "المغني" (٦/ ٥٩٨ - ٥٩٩).