ثم قال:(وإن جمع بين شرطين بطل البيع) إن جمع بين شرطين من قوله: (يشترط البائع سكنى الدار)، إذا جمع بين شرطين فإنه يفسد العقد، فلو شرط البائع سكنى الدار شهرًا، وشرط شرطًا آخر سكنى الدكان أيضًا سنة، فالشرط غير صحيح، ويبطل البيع، وكذلك لو شرط المشتري على البائع حمل الحطب وتكسيره جميعًا، فإنه لا يصح، يبطل البيع؛ لأن الشرط باطل، فإذا بطل الشرط فإن ما يقابله من الثمن مجهول، فيؤدي ذلك إلى جهالة الثمن، والعلم بالثمن شرْط لصحة البيع فلا يصح، ودليل ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ»(١١)، نعم، الشاهد قوله:«وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ».
وإذا شرط المشتري حمل الحطب وتكسيره فهما شرْطان في بيع، أو شرط البائع سكنى الدار والدكان لمدة شهر فإنه لا يصح، ولكن هذا الاستدلال بهذا الدليل غير صحيح.
والصحيح جواز الجمع بين الشرطين، بل بين ثلاثة شروط، وأربعة شروط، حسب ما يتفقان عليه، والحديث لا يدل على هذا بوجه من الوجوه، وإنما المراد بالشرطين في بيع الشرطان اللذان يلزم منهما محظور شرعي، وهذا -أعني الجمع بين شرطين فيما ذُكِر- لا يلزم منه محظور شرعي، ويقال: ألستم تجيزون أن يشترط المشتري على البائع كون العبد مسلمًا وكاتبًا؟ فسيقولون: بلى، نقول: هذان شرطان في بيع، وأنتم تقولون: إن هذا جائز، فأي فرق؟ وأنتم تقولون: إن هذا جائز إذا شرط أن يكون مسلمًا كاتبًا فإنه جائز عندهم، وهما شرطانِ في بيع، ومع ذلك تُصحِّحون هذين الشرطين.