للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كلها موقف إلا بطن عُرَنة) (بطن عُرَنَة) يعني: الوادي، وانتبه لكلمة (بطن عُرَنة) يعني: دون الحافتين اللتين لا يأتيهما السيل إلا إذا كان الوادي قويًّا جدًّا، البطن هو الممنوع؛ بطن عرنة.

الحكمة من ذلك؛ هل لأنه خارج عرفة أو لأن السنة ألَّا ينزل إنسان في الأودية؟

فيه احتمال أنه من عرفة، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ارْفَعُوا عَنْهُ» (١٤) لَأَنَّهُ وَادٍ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَنْزِلَ فِي الْأَوْدِيَةِ. ويؤيد هذا أنه لولا أنه منها لم يقل: ارفعوا عن بطن عرنة، لكانت قد عُرِفَ أن بطن عرنة أيش؟ خارج عرفة.

وينبني على هذا لو أن إنسانًا وقف في بطن عُرَنة ولم يدخل عرفة وخرج؛ كَمَّل حجه.

فإن قلنا: إن الوادي منها لكن أُمِرْنا بأن نرتفع عنه؛ لأنه وادٍ، فحجه صحيح.

وإن قلنا: ليس منها؛ فحجه غير صحيح.

وهذا يحتاج إلى تحرير بالغ؛ لأنه مهمٌّ، ينبني عليه أن الإنسان أدى فريضته أو لم يؤدِّ فريضته، فتحريره مهم جدًّا.

كلمة (كلها موقف) هل المشروع أن يكون الإنسان واقفًا أو يجلس ويستقبل القبلة؟

طالب: الثاني.

الشيخ: الثاني، الثاني هو الأقرب، والموقف قد يراد به السكون لا الوقوف قيامًا.

ثم هل الأفضل أن يكون على راحلته أو الأفضل أن يكون غير راكب؟

في هذا خلاف بين أهل العلم؛ فمنهم من قال: إن الأفضل أن يكون راكبًا؛ تأسيًا برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

ومنهم من يقول: الأفضل أن يكون ماشيًا لا راكبًا.

والذي ينبغي أن يقال: يفعل ما هو أصلح لقلبه، وهذا يختلف؛ قد يكون بقاؤه على الراحلة -وهي السيارة في الوقت الحاضر- سببًا لانشغاله، وإشغاله أيضًا، ويكون انفراده في مكان تحت شجرة أو في أي مكان أراد أولى وأخشع، فهنا نقول: الأفضل ألَّا يكون في السيارة، وقد يكون في السيارة أخشع له وأقل تشويشًا؛ لأنه يكون متهيئًا متأهبًا، فهنا نقول: انظر ما هو أصلح لقلبك.

<<  <  ج: ص:  >  >>