ذُكِرَ أن رجلًا جاء لابن عقيل رحمه الله -وهو من علماء الحنابلة- فقال له: يا سيدي، أنا تصيبني جنابة، فأذهب إلى دجلة في العراق، وأنغمس في النهر، وأخرج وأنا ما ارتفع حدثي.
فقال له ابن عقيل -رحمه الله-: ليس عليك صلاة، ما عليك صلاة أنت، قال: لأن رجلًا يروح يغتسل في دجلة ثم يخرج وهو يقول: ما ارتفع حدثي؟ هذا مجنون، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَالصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَالْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ».
فمن الناس من يكون هذه حاله، اللهم لك الحمد، الله يعافيهم ولا يبلانا، لكن الحمد لله الشارع قطع عنا هذا الشيء، ابنِ على اليقين عندك ولا تلتفت، حتى لو قال لك الشيطان: ما نويت، أو ما أشبه ذلك، لا يهمك.
وهذا كما يدخل في الوضوء يدخل أيضًا في الغسل، ويدخل في الصلاة بعد، أحيانًا يجيء الإنسان ما يُكَبِّر، والعجيب -نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من الشيطان- بعض الناس يشكو، يقول: أنا في صلاة الفريضة ما أستطيع أُكَبِّر، أعجز أُكَبِّر، وفي صلاة النافلة ما يهمني، أُكَبِّر عادي، شوف -نسأل الله العافية- ليش؟ لأن الإخلال بصلاة الفريضة أعظم من الإخلال بصلاة النافلة، والشيطان يريد أن يفسد عليه دينه، الظاهر -والله أعلم- إنه يعلم أن الله يحب الفرائض أكثر مما يحب النوافل، فيريد أن يفسدها على الخلق، ولَّا يقول: أَتَسَنَّن طبيعي ما فيه شيء أبدًا، لكن في الفريضة أعجز أُكَبِّر، بَكَبِّر وأعجز -نسأل الله العافية- لأن الشيطان يلعب به، فدواء هذه الوساوس أن تبني على اليقين.
(وإِن تَيَقّنَهُمَا، وَجَهلَ السابقَ منهما فهو بضد حاله قبلهما)، انتبهوا لهذه، هذه تبغي معركة فكرية.