الجواب: لا يمكن أن يُسَلَّم لهذا الاستدلال؛ لأن هناك فرقًا بين الإتمام وبين الابتداء، فالآية تدل على وجوب الإتمام لمن شرع فيهما؛ ولهذا نزلت هذه الآية في الحديبية قبل أن يفرض الحج؛ إذ الحج لم يفرض إلا في السنة التاسعة، والحديبية كانت في السنة السادسة، وهناك فرق بين الأمر بالإتمام وبين الأمر بالابتداء؛ ولهذا لو شرع الإنسان في الحج أو العمرة في كل سنة يحج ويعتمر، قلنا: يجب عليك إذا شرعت في الحج أن تتم، لكن ابتداءً لا يلزمه الحج إلا مرةً واحدة، لكن في الإتمام يلزمه كلما شرع، ولو حج كل سنة فإنه يلزمه كلما شرع في الحج أن يتمه، وكلما شرع في العمرة أن يتمها. وعلى هذا فلا يتم الاستدلال بهذه الآية على وجوب العمرة.
ثم قال المؤلف:(واجبان على المسلم الحر المكلف القادر)(على المسلم) وهذا كثيرًا ما نسمعه؛ أن العبادات لا تجب إلا على المسلم؛ لأن كل عبادة لا تصح من كافر؛ لقول الله تعالى:{وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ}[التوبة: ٥٤].
فالإسلام شرط لكل عبادة، فكل عبادة لا تصح من غير المسلم، وإذا قلنا: إنها غير واجبة على الكافر فلا يعني ذلك أنه لا يعاقب عليها، ولكنه لا يؤمر بها حال كفره، ولا بقضائها بعد إسلامه، انتبهوا، لأن هناك ثلاثة أشياء: الأمر بأدائها، والأمر بالقضاء، والإثم.
فالأمر بالأداء لا نوجهه إلى الكافر، والأمر بالقضاء إذا أسلم كذلك لا نوجهه إليه، والإثم ثابت يعاقب عليها، وعلى سائر فروع الإسلام.
يقول:(على المسلم الحر) وضده العبد الكامل الرِّق والمبعَّض فلا يجب عليهما الحج، لماذا؟ لأنهما لا مال لهما.