للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن نظر في ترجمة (صالح بن كيسان) وكون كثير من شيوخه أصغر سناً منه، بسبب تأخره في طلب الحديث، واشتغاله بالشعر واللغة رأى عجباً (١).

وقال عبد الله بن أحمد: "سألته (يعني أباه) عن أيوب سمع من أبي عثمان النهدي وقلت له: إن خلفاً البزار يقول: عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي عثمان، فقال: روى عنه حديثين، وقال: حدثنا مؤمل، عن حماد بن زيد، عن أيوب قال: كان أبو عثمان لي صديقاً، فما حفظت عنه إلا حديثين" (٢).

وحال الرواية في العصور الأولى يلخصه هشام بن يوسف قاضي صنعاء - مع تأخر عصره نسبياً - بقوله: " كان معمر هاهنا عندنا عشرين سنة، حي صحيح، وما كتبنا عنه إلا اليسير، ولو علمنا أنه يكتب عنا، ويرحل إلينا لكنا أشد طلباً، وأحرص عليه " (٣).

ومما يؤكد ما تقدم أن هذا الأمر ظل موجوداً حتى في عصر ازدهار الرواية، والحرص على السماع، والرحلة إلى البلدان.

فمن ذلك قول أبي الوليد هشام بن عبد الملك، عن حرب بن سريج: "كان جارنا، لم يكن به بأس، ولم أسمع منه شيئاً " (٤).

وقال أحمد: "رأيت الأشجعي - ونحن عند أبي بدر - ولم أكتب عنه شيئاً ... ، ورأيت بشر بن عمر - يعني الزهراني - وكان إنساناً غلقاً سيئ الخلق، فلم يقدر أن أكتب عنه شيئاً ... ، ورأيت زافر بن سليمان، ولم أكتب عنه شيئاً ... ،


(١). انظر: "تهذيب الكمال " ١٣: ٧٩ - ٨٤، و "تهذيب التهذيب " ٤: ٣٩٩ - ٤٠١.
(٢). " العلل ومعرفة الرجال" ٢: ٤٩٧.
(٣). "معرفة الرجال" ٢: ٣٨.
(٤). "الكامل" ٢: ٨٢٤.

<<  <   >  >>