فإن قيل: وجه ذلك أن يكون منفراً عن النبي صلى الله عليه وسلم وموهما أنه يأتي بالأحكام من قبل نفسه.
قلنا: لو نفر ذلك لنفر إذا أخبر/٩٧ ب أنه أوحى إليه بإزالة هذا (الأمر أو) الحكم، أو إذا نسخ السنة بالسنة، أو القرآن بالقرآن، ولهذا كان المشركون ينسبون النبي صلى الله عليه وسلم إلى الافتراء إذا نسخ القرآن بالقرآن ولهذا قال تعالى:{وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ}.
٩٧٨ - دليل آخر: أنه لا يخلو أن يكون المنع لأجل أن القرآن أكثر ثواباً، أو أن له إعجازاً. لا يجوز أن يمنع لكثرة الثواب (لأنه يجوز نسخ أكثر الآيتين ثواباً بأقلهما ولأن الثواب) يجوز أن يكون في حكم السنة الناسخة أكثر، ولا يجوز أن يمنع للإعجاز لأنه يجوز نسخ الآية التي فيها إعجاز بالآية التي لا إعجاز فيها، وإذا بطل الوجهان لم يكن للمنع وجه.
فإن قيل: المانع رفع كلامه تعالى بغير كلامه.
قلنا: هذا هو المسألة. ما الذي يمنع من رفع كلامه بغير كلامه؟
فإن قيل: لأنه كلامه الأصل والسنة الفرع والأصل لا ينسخ بفرعه.