للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصدر للتدريس في الجزائر قبل أن يتوجه إلى المشرق. والغالب على الظن أن ذلك كان بمدينة الجزائر، ولا سيما في الفترة التي أعقبت وفاة قدورة والأنصاري وهجرة الثعالبي، أي بين ١٠٥٧ و ١٠٧٤ وهو تاريخ هجرته هو إلى المشرق. ولا ندري الآن أين جلس الشاوي للتدريس ومن سانده في ذلك وهل كان موظفا رسميا أو مدرسا حرا. وعلى كل حال فقد كان الشاوي يتمتع بحافظة قوية وذكاء وقاد، ولعله كان صاحب طموح كبير أيضا فلم يجد في الجزائر ما يشبع نهمه العلمي وطموحه الشخصي فاختار الهجرة.

وتعكس حياة الشاوي في المشرق هذه الشخصية اللامعة ذات الطموح البعيد. فبعد أداء فريضة الحج عاد إلى مصر سنة ١٠٧٤ واستقر بها فترة، وفي مصر أخذ العلم على عدد من المشائخ منهم البابلي والمزاحي والشرابلي وأجازوه. كما أنه تولى إفتاء المالكية، وجلس للتدريس في الأزهر فأقرأ الفقه على خليل وشرح المرادي على ألفية ابن مالك وشروح عقائد السنوسي، كما أقرأ شرح الجمل للخونجي في المنطق وتولى التدريس في المدارس المعروفة بالأشرطية والسليمانية والصرغتمية , وقد تتلمذ عليه عدد من العلماء وأجازهم أيضا، كما سبق في الفصل الأول من هذا الجزء، ومن هؤلاء عبد الله بن سالم البصري وعلي بن إبراهيم الأبريججي. وفي دمشق كان للشاوي مجلس علمي مهاب في الجامع الأموي يحضره علماء دمشق. وقد شهدوا له ومدحه شعراؤها، وطلب منه علماؤها الإجازة. وفي إسطانبول حضر الدرس الذي كان يحضره السلطان وشارك في المباحث التي كانت تجري فيه فلفت إليه الأنظار واشتهر بالعلم بين الناس حتى قربه المفتي والوزير الأول هناك. وتكررت زيارته لإسطانبول فكان يحظى في كل مرة بالتقدير من أصحاب السلطة. وفي إسطانبول أيضا جلس لتدريس التفسير والنحو والتوحيد. وقد أجاز بهذه العلوم بعض علماء الشام، ومنهم المحبي صاحب (خلاصة الأثر) وهكذا كانت للشاوي حياة علمية خصبة في ميدان


= كما عرض الشاوي بالعياشي في كتابه (النبل الرقيق) الذي سنعرض له.

<<  <  ج: ص:  >  >>