للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَتَاهُ. فَقالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أشُقُّهُ بَيْنَهُمَا. فَقَالَتِ الصُّغْرَى: لاَ تَفْعَلْ! رَحِمَكَ اللهُ، هُوَ ابْنُهَا. فَقَضَى بِهِ للصُّغْرَى". متفق عليه (١) .

١٨٢٦- وعن مِرداس الأسلمي - رضي الله عنه -

ــ

إنما احتال للوقوف على حقيقة الأمر فوقف عليه. ولعل الكبرى لما رأت الجد من سليمان اعترفت بالحق وأقرت به، فحكم به. ونظير ذلك ما لو حلف منكر على نفي ما ادعى عليه به فحكم ببراءته منه ثم احتيل عليه حتى أقر بأن المحلوف عليه عنده، فإنه يؤاخذ بإقراره ولا يقال فيه: إنه نقض للحكم السابق (فخرجتا على سليمان بن داود - صلى الله عليه وسلم - فأخبرتاه فقال) توصلاً للوقوف على حقيقة الأمر (ائتوني بالسكين) بكسر المهملة والكاف، سميت به لأنها تسكن حركة المذبوح (أشقه بينهما فقالت الصغرى: لا تفعل رحمك الله هو ابنها) أخد من جزعها الدال على عظيم شفقتها، وعدم ذلك في الكبرى مع ما انضاف إليه من القرائن الدالة على صدقها، ما هجم به على الحكم بأنه للصغرى كما قال (فقضى به للصغرى) ويحتمل كما تقدم إقرار الكبرى حينئذ به، ويحتمل أن يكون سليمان ممن سوغ له أن يحكم بعلمه قال ابن الجوزي: استنبط سليمان لما رأى الأمر محتملاً فأجاد، وكلاهما حكم بالاجتهاد إذ لو حكم داود بالنص لما ساغ لسليمان الحكم بخلافه. ودلت هذه القصة أن الفطنة والفهم موهبة من الله تعالى لا تتعلق بكبر سن ولا صغره، وفيه جواز حكم الأنبياء بالاجتهاد وإن كان وجود النص ممكناً لديهم بالوحي، ليكون في ذلك زيادة أجورهم ولعصمتهم من الخطأ إذ لا يقرون على الباطل لعصمتهم (متفق عليه) .

١٨٢٦- (وعن مرداس) بكسر الميم وسكون الراء وبالدال والسين المهملتين: ابن مالك (الأسلمي رضي الله عنه) قال في التقريب: صحابي بايع تحت الشجرة وهو قليل الحديث.

قال في فتح الباري في غزوة الحديبية: وليس لمرداس في البخاري سوى هذا الحديث، ولا يعرف أحد روي عنه إلا قيس بن حازم، وجزم بذلك البخاري وأبو حاتم ومسلم وآخرون.

وقال ابن السكن: زعم بعض أهل الحديث: أن مرداس بن عروة الذي روى عنه زياد بن علاقة هو الأسلمي. قال: والصحيح أنهما اثنان. قال الحافظ في الفتح ففيه تعقب على المزي في قوله في ترجمة مرداس الأسلمي روى عنه قيس بن أبي حازم وزياد بن علاقة


(١) أخرجه البخاري في كتاب: الفرائض، باب: إذا ادعت المرأة ابناً، (٦/٣٣٣، ٣٣٥) .
وأخرجه مسلم في كتاب: الأقضية، باب: بيان اختلاف المجتهدي، (الحديث: ٢٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>