للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تضليل الأمة أو تكفير الصحابة رد ما وقع في الأمالي المنسوبة إلى الشيخ عز الدين بن عبد السلام من أن من كفر أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً رضي الله تعالى عنهم لا يكفر، وإن كان إسلامهم معلوماً بالضرورة؛ لأن جاحد الضرورة لا يكفر على الإطلاق، وإلا لكفرنا من جحد بغداد انتهى.

ووجه رده أن تكفير هؤلاء الأئمة يستلزم تضليل الأمة، وربما يستلزم أيضاً إنكار صحبة أبي بكر، وقد مرَّ أن إنكارها كفر، فزعْم كُفرِه رضي الله عنه يكون كفرا بالأولى، ومن ثم قال الزركشي: والظاهر أن هذا مكذوب به على الشيخ انتهى.

وقد يجاب عنه بأن الذي يفهم من كلامهم أن تكفير جميع الصحابة كفر؛ لأنه صريح في إنكار جميع فروع الشريعة الضرورية فضلاً عن غيرها بخلاف تكفير طائفة منهم، كما يصرح به ما مرّ عن شرح مسلم من أن المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون والمحققون عدم تكفير الخوارج المكفرين للمؤمنين، ومما يصرح به أيضاً كلام السبكي في فتاويه، فإنه اختار أن مكفر أبي بكر أو أحد من الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة كافر، وأن كل ما ذكر اختيار له أخذه من رواية عن مالك في كفر الخوارج لتكفيرهم للمؤمنين، ونازع النووي عفا الله تعالى عنه فيما مرّ عنه وأطال فيه بما يعلم من فحواه أنه اختيار له خارج عن مذهب الشافعي رضي الله تعالى عنه، وقد سقت حاصل كلامه هذا في كتابي "الصواعق المحرقة" وبينت ما فيه، وبهذا كله يتأيد رد كلام الشيخ عز الدين فافهم ذلك فإنه مهم.

<<  <   >  >>