ففي قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سدٌّ للذرائع المفضية إلى الشرك؛ لئلا يلحق غير الشعائر بالشعائر، وألا يصير شد الرحال إلى القبور ذريعة إلى عبادتها، واستثنيت هذه المساجد الثلاثة؛ لما لها من ميزة على غيرها بأمور هامة، منها:
- أنَّها المساجد التي بناها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
- أن المسجد الحرام قبلة المسلمين، والأقصى كان قبلتهم الأولى.
- أسست على التقوى من أول يوم.
- الصلاة فيها مضاعفة على غيرها من المساجد.
فلهذه المساجد ميزة مفضلة على غيرها، فشُرع شد الرحل إليها دون غيرها، أما شد الرحال إلى القبور والأضرحة، فهو الغلو فيها المفضي إلى الشرك الأكبر، والشرك حرام، ووسائله حرام، فالوسائل لها أحكام المقاصد.
* خلاف العلماء:
أجمع العلماء على استحباب زيارة القبور للرجال، واختلفوا في زيارة النساء:
ذهب الحنفية إلى استحباب زيارة النساء للقبور كالرجال، ويستدلون على ذلك بما ورد في عموم الأمر بالزيارة بدون تخصيص، والأصل أنَّ الأوامر عامة ما لم يرِد ما يخصصها.
وذهب جمهور العلماء -ومنهم الأئمة الثلاثة- إلى كراهتها للنساء، وخصوا الأمر بالزيارة بالرجال دون النساء؛ لأنَّ الضمير للرجال، ولا تدخل النساء فيه.
ولما روى مسلم (٩٣٨) عن أم عطية قالت: "نُهِيْنَا عَن زيارة القبور، ولم يعزم علينا"، ولما روى الترمذي (١٠٥٦): "لعنَ الله زائرات القبور".