للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القولان ولْيعَلّم قوله "فإذا وطئ مرَّة" وقوله "فإذا استوفى العدد" كلاهما بالواو؛ إشارة إلى القَوْل الذاهب إلى كونه مُولِياً في الحال.

فرع: حكى القاضي ابن كج وجهَيْن فيما إذا مَضَت السنة من غير وطء، وقد قال: لا أجامعك سنةً إلا مرةً، هل يلزمه الكفارة؟

في وجه، نعم؛ لأن اللفظ يقتضي أن يُفْعَل مرة، وفي وجْه لا؛ لأن المقصود باليمين أن لا يزيد على واحدةٍ، ولو وطئَ في هذه الصورة، ثم نَزَع، ثم أولج ثانياً، لزمته الكفارة بالإيلاج الثاني، وهو وطءٌ مجدد، وقد ذكرنا وجهاً فيما إذا علَّق الطلاق بالوطء، فوطئ، ونزع، ثم أولج: أنَّه لا يجب الحدُّ، ويجعل الايلاج ثانياً، كالاستدامة، وذلك الوجْه جاد هاهنا.

قال الإِمام: -رحمه الله- وهو أقرب فيما نحن فيه؛ لأن الأيمان يُرْجَع فيها إلى العرف، والإيلاجات المتتابعة في العُرْف تُعَدُّ وطأة واحدةً، كما أن اسْم الأكلة يقع على ما تحويه [جلسته] (١) على الاعتياد.

قال الغَزَالِيُّ: وَلَوْ آلَى عَن امْرَأَةٍ ثُمَّ قَالَ لأُخْرَى: أَشْرَكْتُكِ مَعَهَا وَنَوَى لَمْ يَكُنْ مُولِيًا؛ لأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرُ اسْم الله تَعَالَى وَلاَ صَرَّحَ بِالْتِزَامٍ* وَفِي الطَّلاَقِ يُمْكِنُ الاشْتِرَاكُ* وَفِي الظِّهَارِ خِلاَفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أنَّه يَغْلِبُ فِيهِ اليَميِنُ أَوْ الطَّلاَقُ* وَلَوْ قَال: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِغَيْرِهَا: أَشْرَكْتُكِ وَأَرَادَ تَعْلِيقَ طَلاَقِهَا بِدُخُولِهَا نَفْسِهَا فَهَلْ يَصحُّ هَذِهِ الكنَايِةُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا آلى عن امرأة، بأن قال: واللهِ، لا أجامعك، ثُمَّ قال لامرأة أخرى: أشرَكْتُك معَها، أو أنت شريكتها أو مثْلُها، ونوى [بذلك] (٢) الإيلاء عنها, لم يَصِرْ مُولِيًا عن الثانية؛ لأن عماد اليمين بالله تعالى ذكْر اسم معظَّم؛ فلا ينعقد في الكناية بالمحلوف "به"، حتى لو قال "به" لأفعلن كذا، ثم قال: أردت بالله، لم تنْعَقِد يمينه (٣) عن امرأته، [وإن آلى منها] بالتزام طلاق أو عتاق، ثمَّ قال للأخرى: أشركْتُك معها، فيُرَاجَع، ويُبْحَث عمَّا أراده، فإن قال: أردتُّ أن الأُولَى لا تُطَلَّق إلاَّ إذَا أصَبْتُ الثانية مع إصابة الأولى، وجعلتها شريكةَ الأولى في كَوْن إصابتها شرطاً لطَلاَق الأولى، كما أن


(١) سقط في ز.
(٢) سقط في ز.
(٣) مراده أن اليمين بالله تعالى إنما تكون باسمه مظهراً لا مضمرًا ولا مقدرًا، ولهذا أردفه الرافعي بقوله حتى لو قال به لأفعلن كذا، وقال أردت بالله تعالى، لم ينعقد يمينه، وقال قبله وإن عماد اليمين بالله تعالى ذكر اسم معظم فلا ينعقد بالكناية في المحلوف به غير المحلوف عليه فإنه يدخله الكناية كما سيأتي في كتاب الأيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>