الثَّانية: لو اشترى من يعتق عليه كأبيه وابنه فَالَّذِي ذكره في الكتاب: أنه لا يثبت فيه خِيَارَ المَجلِس واتبع فيه الإمام، حيث نقل أنْ لا خيار فيه على المَشْهُور؛ لأنه ليس عقد مُغَابَنَة من جهة المشتري؛ لأنه وطن نفسه على الغَبْن المالي.
وأمَّا من جهة البائع فهو وإنْ كان عقد مُغَابَنَة لكن النظر السهونه عتاقة.
ثم حكى الأَوْدنِيّ: أنه يثبت تمسكاً بظاهر قوله: "لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ وَالِدَهُ، إِلاَّ بِأَنْ يَجِدَهُ مَمْلوكاً فَيَشْتَرَيهُ فَيَعْتِقَهُ"(١).
فإنه يقتضي إنشاء إعتاق بعد العقد، والأكثرون بَنَوْا ثبوت الخِيَار في المَسْأَلة على الخِلاَف في أقوال الملك في زمن الخيار فإن قلنا إنه للبائع، فلهما الخيار ولا نحكم بالعتق، حتى يمضي زمان الخيار.
وإن قلنا: إنه موقوف فلهم الخِيَار أيضاً، فإذا أمضينا العَقْد تبيَّن أنه عتق بالشراء.
وإن قلنا: إنَّ الملك للمشتري فلا خيار له ويثبت للبائع، ومتى يعتق؟ فيه وجهان:
أظهرهما: أنه لا يحكم بالعِتْق حتى يمضي زمان الخِيَار، ثم يحكم حينئذ بعتقه من يوم الشراء.
والثاني: أنه يعتق في الحال، وعلى هذا هل يبطل خيار البائع؟ فيه وجهان كالوجهين فيما إذا أعتق المُشْتَرِي العبد الأجنبي في زمان الخيار على قولنا: إِنّ الملك له.
قال صاحب "التهذيب": ويحتمل أن يحكم بثبوت الخيار للمشتري أيضاً تفريعاً على أن الملك في زمان الخِيَار له، وأنَّ العبد لا يعتق في الحال؛ لأنه لم يوجد منه الرّضا إلا بأصل العقد، فإذا ما في الكتاب يخالف مقالة الأكثرين؛ لأن الصحيح من أقوال الخيار قول التَّوقف، أو قول انتقال الملك إلى المشتري على ما سيأتي، -إن شاء الله تعالى- وعلى التقدير الأول: يثبت الخيار لهما.
وعلى الثاني: يثبت للبائع، والمذكور في الكتاب نفيه على الإطلاق.
الثالثة: الصّحيح: أن بيع العبد من نفسه جائز، وعلى هذا فهل فيه خيار المجلس؟